كيف يمكن أن يساعدك حل المشكلات الإبداعي والتفكير التصميمي على الارتقاء بمستوى شركتك؟
في عام 2017، كشف استطلاع أجرته مؤسسة جالوب أن 35٪ من الموظفين يرون أنه لا يُتاح لهم إلا عدد قليل من الفرص سنوياً للإبداع في مكان العمل. كما أشارت الدراسة نفسها إلى أن 18٪ من المشاركين في الاستطلاع يرون أن أصحاب العمل سمحوا لهم بخوض مغامرات إبداعية في أعمالهم. تشير هذه الأرقام إلى تراجع قيمة حل المشكلات الإبداعي والتفكير التصميمي في مكان العمل.
يميل الموظف الذي يشعر أنه يستخدم قدراته الإبداعية ويحفزها في المشروعات التي يعمل عليها إلى الرضا عن حياته المهنية، ويستمر في العمل لدى شركته لفترات طويلة. وبالنسبة إلى الشركات، فإن تعلُّم كيفية توفير المزيد من الفرص للموظفين من أجل الاستفادة من قدراتهم على التخيل والابتكار يساهم في تحسين جودة المنتجات وإطلاق حملات تسويقية جذابة، فضلاً عن تحسن ثقافة الشركة بوجه عام.
تعريف حل المشكلات الإبداعي
يتمحور حل المشكلات الإبداعي حول تشجيع الموظف على إيجاد طرق جديدة للتعامل مع مهام العمل. وتتيح هذه المنهجية تنفيذ العمليات على نطاق أوسع مما هو معتاد من القوى العاملة المعاصرة، فمع حل المشكلات الإبداعي تتم الاستفادة من نقاط القوى والرؤى الجماعية التي يتمتع بها كافة أعضاء الفريق.
يستند حل المشكلات الإبداعي على نحو فعّال إلى ما يلي:
- التفكير التبايني: يتضمن التفكير التبايني تحليل المشكلة القائمة من أجل التوصل إلى حل كامن في التفاصيل. تستهدف منهجية حل المشكلات الإبداعي إلى تحقيق التوازن بين التفكير التبايني والتقاربي.
- التفكير التقاربي: التفكير التقاربي هو أخذ المعلومات التي توصلنا إليها من التفكير التبايني وتصنيفها إلى فرص واحتمالات. هذه العملية تُجمِّع ما يقسِّمه التفكير التبايني، ولهذا السبب، من الضروري إجراء العمليتين في إطار حل المشكلات الإبداعي.
- التفكير المُجرد: يتطلب التفكير المجرد مراعاة ما هو أبعد من الجانب السطحي أو الواضح من المعلومات، والبحث عن أي أنماط متكررة أو فلسفات تكميلية أو مفاهيم أخرى قد تساهم في توفير حل فعال.
- الإيجابية: تتعمد بعض جلسات العصف الذهني استبعاد بعض الأفكار على الفور من أجل توفير الوقت، لكن هذا النهج لا يشجع على الإبداع وقد يثبط من همم الموظفين في تقديم إسهاماتهم. في المقابل، يحث حل المشكلات الإبداعي الفعال على تقبل جميع الأفكار أثناء عملية التفكير التبايني.
- التطوير: قبول جميع الاحتمالات يعني أيضاً التوسع في دراسة كل فكرة مطروحة قبل اتخاذ القرار، لذلك من الضروري مقاومة الرغبة في استبعاد أي مشاركات على الفور بهدف تحقيق الكفاءة. فبعض الأفكار تحتاج إلى قليل من التطوير قبل اكتمالها لتصبح حلولاً مُثلى.
- طرح التساؤلات: إن إحداث تطوير كبير يتطلب طرح أسئلة سواء تلك التي يطرحها الشخص على نفسه أو على الآخرين. تتيح هذه الأسئلة مجالاً لتطوير الأفكار وتمنح المشاركين فرصة للجمع بين مهاراتهم بطرق جديدة ومبتكرة. ومن ثم، فإن طرح الأسئلة يفتح المزيد من الآفاق للفرص وتحقيق مزيد من النتائج المحتملة.
- تأجيل القرارات: التسرع في تنفيذ حل ما يعني المخاطرة بإحداث مشكلات مستقبلية لاحقاً. لذلك، يجدر بنا أن نتذكر أن الخطى المتأنية والثابتة هي السبيل إلى تحقيق النجاح. عند اتباع منهجية حل المشكلات الإبداعي، تُمنح الأولوية لأخذ الاحتياطات اللازمة بدلاً من انتهاز الفرص السانحة.
تستطيع الشركات بمرور الوقت أن تعتمد على هذه العناصر الأساسية لتحديد ملامح عملية حل المشكلات الإبداعية بما يلبي احتياجات أعمالها على نحو أفضل.
أهمية حل المشكلات الإبداعي
تكمن أهمية حل المشكلات الإبداعي في مرونته ودقته، حيث يتطلب من الموظفين العاملين مراعاة التفاصيل قبل الانتقال إلى الصورة الأكبر، بدلاً من التركيز فقط على جزء معين.
بالإضافة إلى ذلك، يُساهم حل المشكلات الإبداعي في تهيئة ثقافة عمل تمنح جميع المشاركين الفرصة للتعبير عن آرائهم أثناء عملية العصف الذهني. لذلك ينبغي للشركات التي ترغب في زيادة معدل الاحتفاظ بالموظفين أن تفكر في تطبيق حل المشكلات الإبداعي ودمجه في عملياتها المعتادة؛ حيث تزداد احتمالية بقاء الموظفين في شركاتهم عندما يرون أن مساهماتهم تحظى بالتقدير.
من المزايا الأخرى لحل المشكلات الإبداعي:
- إيجاد حلول أكثر فعالية
- زيادة الابتكار
- طرح المزيد من وجهات النظر من مختلف التخصصات
- زيادة التنوع
- الحد من التحيزات
- اكتشاف فرص جديدة للنمو
- التعرُّف على التحديات المحتملة قبل ظهورها
في نهاية المطاف، فإن دور حل المشكلات الإبداعي في مجال الأعمال هو تحدي طرق التفكير التقليدية وإيجاد مسارات مبتكرة وجديدة وشاملة للشركة. كما أن الجمع بين اتباع هذه المنهجية والالتزام بالتفكير التصميمي يساعد على إظهار إمكانات الموظفين بالكامل.
تعريف التفكير التصميمي
يتوافق تعريف التفكير التصميمي مع حل المشكلات الإبداعي، فبينما يُعد حل المشكلات الإبداعي فلسفة محركة تُركز على تفكيك المشكلات ثم تجميعها لتقديم حلول أقوى، يشير التفكير التصميمي إلى العملية التي يتحقق من خلالها حل المشكلات الإبداعي.
صِيغ مفهوم التفكير التصميمي لأول مرة في معهد هاسو بلاتنر للتصميم Hasso Plattner Institute of Design بجامعة ستانفورد لرسم الخطوط العريضة للاستراتيجيات التي يتبعها المهندسون المعماريون الناجحون ومطورو المنتجات وغيرهم من المصممين لتحقيق أكثر النتائج ابتكاراً.
ينطوي التفكير التصميمي على خمس خطوات لتحفيز الإبداع:
- التعاطف: وضع احتياجات الجمهور المستهدف في المقام الأول، والتأكد من أن جميع جوانب عملية التصميم والتصميم النهائي تركز على راحة المستخدم.
- تحديد المشكلة: تتطلب التصميمات الفعالة طرح وجهات نظر مؤثرة. لذلك، في مرحلة تحديد المشكلة، ينبغي للمشاركين التوصل إلى تحليل تفصيلي للمشكلة المطروحة والطرق المختلفة الممكنة للوصول إلى حل.
- ابتكار الأفكار: ابتكار الأفكار هو مجرد اسم آخر لعملية العصف الذهني، حيث يطرح العاملون خلال جلسات ابتكار الأفكار جميع الاحتمالات ويستكشفونها قبل اختيار الإجراءات التي يرتؤون أنها واعدة.
- بناء النموذج الأولي: سواء كان النموذج الأولي عبارة عن سيناريو لتقمص الأدوار أو نموذج للمنتج أو حتى خريطة ذهنية بسيطة، فإنه يقدم رؤية ثاقبة حول الحلول الممكنة التي تقدم أفضل النتائج المُرضية. تتطلب هذه المرحلة إجراء الكثير من التجارب، وقد تتضمن العودة إلى مرحلة ابتكار الأفكار.
- الاختبار: بمجرد الانتهاء من إنشاء نموذجين أوليين على نحو سليم، يحين الوقت لبدء اختبارهما. اطلب من بعض الأفراد من جمهورك المستهدف تجربة النماذج الأولية المتاحة وتقديم تعليقات حول التحسينات أو المميزات الإضافية التي تلبي احتياجاتهم على نحو أفضل.
التفكير التصميمي عبارة عن دورة وليس عملية خطية، فقد يجد الموظفون – في أي من المراحل المختلفة – أنهم يعودون إلى نقطة البداية من أجل الحصول على رؤية أوضح حول الاحتمالات المتاحة. لكن من المفيد النظر إلى مثل هذه الحالات باعتبارها كفرص وليس إخفاقات.
فيما يلي أمثلة على المؤسسات التي تتبع منهجية التفكير التصميمي:
- شركة Airbnb: تعد شركة Airbnb أحد أبرز الأمثلة على المؤسسات التي تطبق التفكير التصميمي بنجاح. بدأت الشركة بداية متعثرة عندما كانت شركة ناشئة، وبعد رحلة إلى نيويورك بصحبة كاميرا والتحدث إلى أشخاص يرغبون في تأجير منازلهم للمسافرين، توصلت الشركة إلى أن المستخدمين لن ينقروا على عروض لأماكن إقامة تحتوي على صور رديئة الجودة.
- منصة Netflix: براعة Netflix في استخدام التفكير التصميمي تضعها أيضاً ضمن الأمثلة البارزة على تطبيق التفكير التصميمي الإبداعي في العمل. حيث فاجأت المنصة الجميع بقرار تقديم خدمة البث في الوقت الذي بدأت تتلاشى فيه خدمة تأجير أقراص الدي في دي. وبعد ملاحظة الأنماط المتكررة في أنواع المحتوى المفضلة لدى المشتركين، فاجأت Netflix الجميع مرة أخرى وقررت أن تقدم أعمالاً أصلية من إنتاجها.
- مركز موناش الصحي: كان هدف هذه العيادة النفسية الأسترالية هو تقليل عدد حالات الانتكاس التي كانت السبب الرئيسي وراء حالات الوفاة إثر تعاطي جرعات زائدة من المخدرات ومحاولات الانتحار. لتحقيق هذا الهدف، تعاون مركز موناش عن قرب مع المرضى لفهم جميع العوامل التي أدت إلى حالات الانتكاس، واستنتج المركز أن اتباع أفضل الممارسات في مجال الصحة النفسية لا يضمن بالضرورة تلبية احتياجات كل مريض. لذا وضعت العيادة منهجاً مُخصصاً يركز أكثر على تلبية احتياجات كل مريض ورعايته وفقاً للبيانات التي جُمعت عنه، مما أدى إلى انخفاض أعداد حالات الانتكاس بمرور الوقت.
تشمل الأمثلة الناجحة لتطبيق التفكير التصميمي نماذج من مجالات متنوعة ومختلفة؛ فالإبداع ليس حكراً على المجالات الفنية فحسب. في الواقع، الاستفادة من فعالية حل المشكلات الإبداعي والتفكير التصميمي بوصفهما طريقتي تفكير تُكمل إحداهما الأخرى أمر ينطبق على جميع الشركات في جميع المجالات.
كيف يتكامل التفكير التصميمي مع حل المشكلات الإبداعي؟
يؤكد التفكير التصميمي على أهمية حل المشكلات الإبداعي، فالعمليات المنظمة التي تحفز التفكير التصميمي مستوحاة من فلسفات حل المشكلات الإبداعي.
بعبارة أخرى، من الممكن تشبيه حل المشكلات الإبداعي بقائمة طعام ثابتة توضح الأطباق الرئيسية التي يخطط الشيف لتقديمها خلال الأمسية، والتفكير التصميمي هو وصفات هذه الأطباق. علاوة على ذلك، لا يوجد أي تناقض بين جوهر كل من التفكير التصميمي وحل المشكلات الإبداعي.
تستطيع الشركات تطبيق مبادئ حل المشكلات الإبداعي على المشكلات المطروحة دون الحاجة إلى إطار من التفكير التصميمي، كما تستطيع أن تعمل ضمن إطار عمل محوره التفكير التصميمي بعيداً عن المنظور الشامل لحل المشكلات الإبداعي. ومع ذلك، يحقق كل من حل المشكلات الإبداعي والتفكير التصميمي أفضل النتائج عند تطبيقهما معاً.
أخطاء ينبغي تجنبها عند تطبيق حل المشكلات الإبداعي
على المؤسسات التي ترغب في دمج حل المشكلات الإبداعي في ثقافة الشركة أن تبحث في كيفية تطبيق هذا المنهج لكي تتجنب التحديات الشائعة التي قد تواجه من يطبق حل المشكلات الإبداعي. فقد يؤدي سوء التخطيط لمنهج حل المشكلات الإبداعي إلى الإضرار بقدرة الشركة على إيجاد الحلول المناسبة. خلال جلسات حل المشكلات، ينبغي للقادة المكلفين بالإشراف على الجلسات الانتباه إلى المشكلات الآتية التي تعيق إحراز تقدم فعلي:
- السلبية
- صعوبة الوصول إلى الموارد
- الجمود
- التسرع
- الضغط
- المثالية
- عدم توفير تدريب أو موارد مناسبة
- عدم التصدي للتحيز
- إنكار أهمية الملاحظات التقييمية
- العودة إلى اتباع أنماط التفكير الجامدة
- عدم وضوح التواصل
الانفتاح سمة ضرورية من أجل ازدهار كل من حل المشكلات الإبداعي والتفكير التصميمي. كما أن أي عادات سيئة تروج لبيئة عمل غير مرنة تلحق الضرر بالإنتاجية. ورغم أن القيادة مسؤولة عن تنظيم الاجتماعات وإدارتها، ينبغي لكل مشارك في جلسات حل المشكلات الإبداعي والتفكير التصميمي أن يساهم في توفير مساحة عمل صحية تشجع على الابتكار.
ختاماً
يؤدي الجمع بين مبادئ حل المشكلات الإبداعي والتفكير التصميمي إلى اكتشاف الشركات لكامل إمكانات موظفيها، وعليه، فلا بد من التشجيع على الإبداع بدلاً من تثبيطه. من الضروري معرفة أن تهيئة بيئة تقدِّر المرونة في التفكير واتخاذ القرارات يؤدي إلى تقديم حلول فعالة ورفع كفاءة الموظفين، فمن المستحيل أن يزدهر الابتكار في ظل أساليب جامدة وقديمة لحل المشكلات.
توفر نوليدج سيتي دورات تدريبية حول حل المشكلات الإبداعي والتفكير التصميمي تساعدك أنت وشركتك على تحسين طريقة التعامل مع المشكلات والتوصل إلى أفضل الحلول. تحدَّ قدراتك وابدأ في رؤية العالم من زوايا مبتكرة.
اشترك في نشرتنا الدورية
انضم إلى أكثر من 80,000 من خبراء الموارد البشرية واحصل على أفضل النصائح والإرشادات المتعلقة بالتدريب والتوظيف مباشرة على بريدك الإلكتروني. انضم وكُن من أفضل مديري الموارد البشرية الآن.