التمييز التجاري للشركات كمكان عمل: تعريفه وأهميته
عندما يفكر الآخرون في شركتك كمكان عمل، ما الذي يتبادر إلى أذهانهم؟ كيف يتحدث موظفوك عن الشركة عندما يلتقون بأصدقائهم بعد انتهاء ساعات العمل؟ إذا سألت أي فرد من المجتمع أن يصف شركتك، ماذا سيقول؟
تقع كل هذه الأسئلة في صميم مفهوم التمييز التجاري للشركات كمكان عمل. يساعد هذا المفهوم في إحداث تغيير جذري في طريقة تعيين الموظفين الجُدد وجذب الكفاءات المطلوبة.
إذا لم تكن مؤسستك، وعلى الأخص مسؤولي التوظيف، تولي الاهتمام الكافي لتمييز الشركة التجاري كمكان عمل، فقد يكون ذلك فرصة رائعة لإعادة تشكيل طريقة إعلان شركتك عن الوظائف وطرق تفاعلها مع الموظفين. إليك أهم المعلومات التي يجب أن تعرفها.
ما التمييز التجاري للشركات كمكان عمل؟
عادة ما نتطرق إلى المفاهيم المتعلقة بالتمييز التجاري عند الحديث عن الجانب التسويقي من المؤسسة، الذي يعمل أفراده على بناء هوية مميزة للشركة حتى يسهل التعرُّف عليها وتذكرها وربطها بقيم معينة.
تتكون العلامة التجارية من عدة عناصر، إلا أن الأمر يعتمد في النهاية على السمعة: ما الذي تشتهر به الشركة؟ جزء من العلامة التجارية يتكون من الرموز والإعلانات والمنتجات، بينما يتكون جزء آخر من الأشخاص وكيفية تعامل الشركة معهم.
يُشير مفهوم التمييز التجاري للشركات كمكان عمل إلى سمعة المؤسسة بين موظفيها الحاليين والمحتملين. مثلاً، عندما يبحث أحد المتقدمين المحتملين عن وظيفة شاغرة على المواقع الإلكترونية، فيجد وظيفة تحت اسم مؤسستك ورمزها، ما الذي سيتبادر إلى ذهنه؟
إذا كان التمييز التجاري للشركات كمكان عمل سيئاً، قد يصرف الباحثون عن العمل النظر عن الوظيفة على الفور حتى لو كانت مناسبة لهم. قد يحدث ذلك بسبب انتشار أخبار سيئة حول طريقة تعامل الشركة مع موظفيها أو بسبب اختلافهم مع قرارات اتخذتها الشركة.
من ناحية أخرى، إذا كان التمييز التجاري للشركات كمكان عمل ناجحاً، سيرى الباحثون عن العمل الشركة كمكان يرغبون في العمل به، مما يجعلهم أكثر حرصاً على التقدم للوظائف.
ما أهمية التمييز التجاري للشركات كمكان عمل؟
قد يبدو مفهوم التمييز التجاري للشركات كمكان عمل غامضاً بعض الشيء، ولكنه قد يؤثر على التوظيف بدرجة ملحوظة مع مرور الوقت. إذا كانت سمعة إحدى الشركات سيئة بين الموظفين، سيحرص أكفأ المرشحين على تجنب العمل فيها.
ويعني ذلك أن الشركة تخسر بالفعل أفضل الكفاءات حتى قبل البدء في البحث عن موظفين جُدد، وغالباً ما يؤدي ذلك إلى حصول المنافسين على هذه الكفاءات المتميزة.
وقد يؤثر ذلك على الشركة بشكل أقوى بكثير مما يظن بعض أصحاب العمل. وفقاً لاستطلاع رأي أجرته مجلة CR Magazine مع مؤسسة Cielo Talent، يرفض 67% من الموظفين الرجال العمل لدى شركة ذات سمعة سيئة، بينما تصل هذه النسبة إلى 86% من الموظفات ، مما يشير إلى أن السمعة السيئة قد تؤثر أيضاً على التنوع بين الجنسين داخل مكان العمل.
وجدت دراسة أجرتها شبكة MRI Network في عام 2017 أن 40% من أبناء جيل الألفية يرون أن سمعة الشركة في السوق لها التأثير الأكبر على انطباعهم عنها كمكان عمل. ووجد الاستطلاع نفسه أنه في حين يعتقد 71% من مسؤولي التوظيف أن سوق العمل في مجالهم مدفوع باحتياجات المرشحين، يرى 53% من أبناء جيل الألفية أن سوق العمل يوجهه أصحاب العمل.
علاوة على ذلك، أصبح التمييز التجاري للشركات كمكان عمل أكثر وضوحاً من أي وقت مضى، فكثيراً ما تعرض مواقع الوظائف تقييمات وتعليقات حول أي شركة مُسجلة في هذه المواقع، بحيث يستطيع المتقدمون معرفة مجموع تقييماتها أو قراءة تعليقات عنها على الفور. (قد تتضمن هذه التعليقات الإلكترونية بعض الإشكاليات بسبب التحيز، لكنها تظل عاملاً مهماً يجب مراعاته).
تحرص معظم الشركات الآن أيضاً على بناء حضورها على وسائل التواصل الاجتماعي، وبإمكان الموظفين المحتملين زيارة صفحاتها على مواقع التواصل الاجتماعي وقراءة المنشورات السابقة لتكوين فكرة عن الشركة.
أمثلة على التمييز التجاري للشركات كمكان عمل
قد تتساءل: “التمييز التجاري من عمليات التسويق التي لا يستطيع موظفو الموارد البشرية التحكم فيها، فما هي الخيارات المتاحة أمامنا؟”
يوضح مفهوم التمييز التجاري للشركات كمكان عمل ضرورة إدراك قسم التسويق لتأثير التمييز التجاري في عملية التوظيف، وأن يضع ذلك في اعتباره أثناء اتخاذ القرارات، لكن توجد أيضاً العديد من الممارسات التي تساعد مسؤولي التوظيف في إدارة التمييز التجاري للشركات كمكان عمل، بل وتحسينه. ستتعرف في السطور التالية على بعض الأمثلة لشركات بذلت جهداً كبيراً من أجل تعزيز تمييزها التجاري كمكان عمل.
PayPal:
تُعرف شركة PayPal بدعمها للمساواة بين الجنسين وعمل المرأة. فكثيراً ما تكتب الشركة منشورات احتفالاً بمناسبات مثل يوم المرأة العالمي، كما تتبرع لقضايا داعمة للنساء في قطاع الأعمال وتشارك منشورات عن هذه الجهود على حساباتها عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
ويستطيع الموظفون المحتملون الاطلاع على ذلك بسهولة عندما يبحثون عن حسابات Paypal عبر مواقع التواصل الاجتماعي أو أي أخبار عنها.
Wayfair:
حصلت شركة Wayfair على جائزة أفضل مكان للعمل لعام 2022. سارعت الشركة بنشر الخبر على حساباتها عبر وسائل التواصل الاجتماعي وأرفقت في المنشور ذاته رابطاً لصفحة الوظائف للمهتمين بالبحث عن وظائف شاغرة.
قد لا تكون شركتك مؤهلة للحصول على جائزة أفضل مكان للعمل، لكن من المهم الإعلان عن أي جائزة أو تقدير مجتمعي تحصل عليه شركتك حتى يتمكن الموظفون المحتملون، إلى جانب الموظفين الحاليين، من معرفة هذه المعلومات بسهولة.
General Electric:
في عام 2016، أطلقت شركة General Electric حملة بهدف توظيف مهندسين أكفاء للعمل في عدد من مشروعاتها الأخيرة. استهدف هذا المشروع الدعائي الموظفين المحتملين من خلال عرض إعلانات فكاهية توضح أن جنرال إلكتريك لا توظف مهندسي الميكانيكا فقط، بل تهتم بتوظيف جميع الكفاءات في القطاعات الرقمية والصناعية.
التمييز التجاري للشركة والتمييز التجاري للموظف
قد تكون سمعت أيضاً عن مصطلح شائع وهو التمييز التجاري للموظف، ومن الضروري أن تدرك الفرق بين هذين المفهومين.
يركز التمييز التجاري للشركات كمكان عمل على طريقة تقديم الشركة لنفسها بوصفها جهة توظيف، والإجراءات التي تتخذها لاستقطاب موظفين جُدد. أما التمييز التجاري للموظف، فهو الانطباع الذي يعطيه الموظفون عن الشركة.
قد يتشكل هذا الانطباع من خلال ما يخبرون به أصدقائهم عن الشركة، مثل الشكوى من المدير الذي استولى على إكرامياتهم أو رئيس العمل الذي تولى المناوبة بدلاً منهم عندما كانوا مشغولين للغاية أو من خلال التعليقات التي ينشرونها عبر الإنترنت أو وسائل التواصل الاجتماعي. كثيراً ما ينتشر التمييز التجاري للموظف من تلقاء نفسه، وقد يؤثر على الموظفين الجُدد أو الموظفين المحتملين الذين يستمعون إلى آراء الموظفين.
يوجد تداخل ملحوظ بين التمييز التجاري للشركة والتمييز التجاري للموظف، فالتمييز التجاري للموظف هو امتداد للتمييز التجاري للشركة ويتأثر بالقرارات التي تتخذها الشركة. إذا كان الموظفون يتفاخرون بشركتهم أو يرشحون العمل بها لأصدقائهم الذين يبحثون عن وظائف، فهذه علامة على نجاح التمييز التجاري للشركة كمكان عمل.
تستطيع المؤسسات أيضاً تشجيع التمييز التجاري للموظف بطريقة مباشرة بأن تطلب من الموظفين كتابة تعليقات عن الشركة أو أن يخبروا أصدقائهم الأكفاء بالوظائف الشاغرة. من ناحية أخرى، يدل انخفاض مستوى التمييز التجاري للموظف على أن الشركة تواجه مشكلات تتعلق بسمعتها وتحتاج إلى معالجتها، أي أنه بمثابة مؤشر لظهور المشكلات.
لنتناول الآن بعض فوائد التمييز التجاري للشركات كمكان عمل في منح مؤسستك ميزة تنافسية.
فوائد التمييز التجاري للشركات كمكان عمل
تسهيل استقطاب أفضل الكفاءات: يتقدم أكفأ المرشحين لشغل وظائف في الشركات التي يرغبون في العمل بها، وتمتع جهة العمل بسمعة ممتازة يعد من أفضل الطرق لاستقطاب المواهب المتميزة وتلقي أفضل طلبات عمل للوظائف الشاغرة. أما انخفاض مستوى التمييز التجاري للموظف، فيُحدِث أثراً معاكساً، مما يزيد من أهمية النظر في استراتيجيات التمييز التجاري.
- توفير جهود وتكاليف التوظيف
التمييز التجاري القوي للشركة كمكان يجذب المتقدمين للعمل ويرفع مستوى المنافسة بين الموظفين المحتملين ممن يرغبون في العمل لدى مكان عمل إيجابي يحظى بسمعة طيبة، أي أن مسؤولي التوظيف لن يضطروا إلى بذل مجهود كبير في البحث عن أكفأ المواهب أو ينفقوا الكثير من الأموال في الإعلان عن الوظائف. - تعزيز الإنتاجية والروح المعنوية في مكان العمل
تستطيع الشركات تعزيز علاماتها التجارية بسهولة من خلال التأكد من سعادة الموظفين وتوفير الخيارات التي تناسب احتياجاتهم ومنحهم رواتب مجزية. تقدم هذه الاستراتيجيات العديد من الفوائد إلى جانب تحسين السمعة، حيث تساعد أيضاً في تقليل طلبات الإجازات المرضية وزيادة الإنتاجية وتوفير قوة عاملة أكثر إبداعاً وولاءً ورفع معدل الاحتفاظ بالموظفين. - جذب عملاء جدد وعملاء دائمين
يهتم العملاء أيضاً بالتمييز التجاري للشركات كمكان عمل، وحتماً سيرتبط جزء معين من سمعة الشركة -بوصفها جهة عمل- بالتمييز التجاري للشركة بمفهومه الأوسع، وهذا سيؤثر على نظرة الجميع للشركة. من المرجح أن يجذب التمييز التجاري القوي لمكان العمل عملاء وشركاء جُدد، مما يتيح فرصاً جديدة للنمو. - تقليل مخاطر التعرض للمسؤولية القانونية
التمييز التجاري القوي لمكان العمل يؤدي إلى تقديم تجارب أفضل للموظفين، وتقليل الطاقة السلبية، مما قد يقلل احتمال نشوب خلافات ورفع دعاوى قضائية ضد الشركة وغيرها من المشكلات الأخرى التي قد تواجهها أي مؤسسة تعاني من سمعة سيئة. - استقطاب موظفين ليكونوا سفراء للشركة
الموظفون الذين يشعرون بالرضا حيال شركتهم يؤدون دور سفراء النوايا الحسنة للشركة، أي أنهم يفعلون ذلك من خلال التمييز التجاري للموظف والتسويق الشفهي. هذا التمثيل الحقيقي للشركة يصعب الحصول عليه بأي طريقة أخرى، ويتميز بسرعة انتشاره بين أفراد المجتمع.
الاستفادة من التمييز التجاري للشركات كمكان عمل في عملية التوظيف
من أين تبدأ في العمل بمفهوم التمييز التجاري للشركة كمكان عمل؟ الاعتراف بهذا المفهوم وإدراجه في استراتيجيات التوظيف الحالية يعد بداية ممتازة.
الوعي بالتمييز التجاري للشركات كمكان عمل يؤدي إلى اتخاذ قرارات أفضل. وفي كثير من الأحيان، قد تفيد الممارسات التي تتبعها شركتك بالفعل في تنمية هذا الوعي. إليك بعض النصائح حول تطبيق الوعي بالتمييز التجاري للشركات كمكان عمل في عملية التوظيف:
- حدد موقفك الحالي
ما وضع تمييز شركتك التجاري كمكان عمل حالياً؟ ما سمعتك في المجتمع؟ يمتلك مسؤولو التوظيف العديد من مصادر المعلومات للإجابة عن هذين السؤالين، وتتضمن تلك المصادر تعليقات الموظفين السابقين وتقييماتهم على المواقع الإلكترونية ومقابلات نهاية الخدمة واستطلاعات الموظفين السرية وغير ذلك. يمكنك إنشاء ملف تعريفي واضح للتمييز التجاري الحالي، ليصبح نقطة البداية في معرفة ما يجب تحسينه. - استغل نقاط قوتك
يجب ألا تسعى الشركات إلى تقديم كل المزايا لكل موظف، لكن من الأفضل أن تركز على نقاط قوتها بدلاً من ذلك. حدد الجوانب التي تميزك، وسلط الضوء عليها في المواد المُتعلقة بتعيين الموظفين بشركتك. من أمثلة هذه المميزات أن تكون أجواء العمل ممتعة أو المرونة في أوقات العمل أو تقديم رواتب مجزية للموظفين أو وجود رابط فريد بين الشركة والمجتمع أو أيّ مميزات
أخرى تتعلق برضا الموظفين. استخدم هذه المميزات لتحقيق تميزك التجاري. - نفذ خطتك بالاتفاق مع قسم التسويق
يساهم قسم التسويق على نحوٍ فعال عندما يتعلق الأمر بالتمييز التجاري للشركات كمكان عمل، لذلك ينبغي أن تتم جهود التوظيف بالتعاون مع قسم التسويق للتأكد من نشر رسالة موحدة. لا بد أن يوفر قسم التسويق محتوى مفيداً لمسؤولي التوظيف، وأن يقدم مسؤولو التوظيف لقسم التسويق أفكاراً حول كيفية تسليط الضوء على الجوانب التي تجذب الموظفين للعمل في الشركة. - لا تخشَ التغيير
عملك على تعزيز التمييز التجاري لشركتك كمكان عمل قد يكشف عن آراء سلبية عن الشركة وطريقة تعاملها ومقدار الأجور التي تدفعها وغيرها من الأمور، لكن البُشرى السارة هو أن هذه الأمور يسهل استهدافها لتحسين صورة علامتك التجارية، لأنك أصبحت على دراية بما ينبغي أن تستهدفه لتحقيق التغيير، لكن لا بد أن تكون المؤسسة على استعداد للتغيير حتى تتحقق هذه الأهداف. - ركز على نشر اسم شركتك في السوق
انشر رمز شركتك في كل مكان بحيث يراه الموظفون المحتملون مراراً وتكراراً. بإمكانك تحقيق ذلك من خلال رعاية المباريات الرياضية المحلية وحجز أجنحة في الفعاليات المجتمعية ونشر الإعلانات في المطبوعات المتداولة. كن حاضراً في محيطك المجتمعي حتى تحظى شركتك بحضور قوي في السوق.
وختاماً…
التمييز التجاري للشركات كمكان عمل خطوة ضرورية نحو تحسين عملية التوظيف وإعداد محتوى إعلانات التوظيف، كما أنها خطوة مفيدة في إعادة توجيه جهود التوظيف من أجل الحصول على العديد من الأفكار الجديدة لتحسينها.
إذا كنت ترغب في التعمق في طرق دعم جهود الموارد البشرية، ستجد دورات تدريبية وكتيبات مفيدة لقسم الموارد البشرية على موقع نوليدج سيتي.
تتخصص نوليدج سيتي في إتاحة دورات تدريبية يمكنك الاستفادة منها من أي مكان في العالم. دوراتنا التدريبية مقسمة إلى أجزاء صغيرة لن تستهلك الكثير من الوقت حتى في الأيام المزدحمة، وهي مصدر رائع لاكتساب مهارات جديدة وأفكار مفيدة لفرق العمل، بالإضافة إلى إمكانية متابعة تقدمك بسهولة. تصفح الموقع وابحث عن الموضوعات التي ترغب في معرفة المزيد عنها.
اشترك في نشرتنا الدورية
انضم إلى أكثر من 80,000 من خبراء الموارد البشرية واحصل على أفضل النصائح والإرشادات المتعلقة بالتدريب والتوظيف مباشرة على بريدك الإلكتروني. انضم وكُن من أفضل مديري الموارد البشرية الآن.