8 طرق لدعم الصحة النفسية للموظفين
شهد هذا العام تزايداً في أعداد الموظفين والمديرين الحريصين على مناقشة قضايا الصحة النفسية في مكان العمل. على مدار السنوات القليلة الماضية، تعامل العديد من الموظفين الإداريين مع عددٍ غير مسبوق من الشكاوى بخصوص حالات التوتر والاحتراق الوظيفي والاكتئاب بين الموظفين، كما أصبحنا الآن نتعامل مع عواقب نقص الدعم المقدم للموظفين، الذي يؤثر في ثقافة هذه الفرق وصحة أفرادها الشاملة. أظهر استبيان أجرته شركة Willis Towers Watson في أوائل عام 2022 أن 86% من أصحاب العمل يقولون أنهم يضعون الصحة النفسية على رأس قائمة الأولويات في شركاتهم، لكن 49% منهم لم يهتم بوضع استراتيجية لدعم صحة الموظفين النفسية وسلامتهم الشاملة. في هذا المقال سنتعمق في شرح فكرة دعم الصحة النفسية في العمل ونتناول بعض الأساليب الموجهة لتقديم دعم أفضل لموظفيك.
ما المقصود بالصحة النفسية؟
قد يصعب الحديث عن الرعاية الصحية النفسية، لأن مفهوم الصحة النفسية قد يشير إلى عدة أمور. ومثل أي جانب آخر من جوانب الصحة، الصحة النفسية هي ببساطة جزء من صحتنا الشاملة. تُعرِّف منظمة الصحة العالمية الصحة النفسية بأنها “حالة من الرفاه النفسي تمكِّن الشخص من مواجهة ضغوط الحياة وتحقيق إمكاناته والتعلُّم والعمل بشكل جيد والمساهمة في مجتمعه المحلي”.
يمكننا أيضاً مناقشة تعريفات أخرى أكثر حيادية للصحة النفسية. مثلاً، قد نتوقع من شخص فقد أحد أفراد أسرته أن يستجيب لهذا الموقف بمشاعر من الحزن والأسى، وقد يحتاج إلى التوقف عن المساهمة في مجتمعه أو العمل بإنتاجية مرتفعة لبعض الوقت. هذه الاستجابة لوقوع مثل هذه الأحداث الكبيرة في الحياة صحية تماماً، ولا تعني بالضرورة حدوث اعتلال في الصحة النفسية.
ولنتعمق في مناقشة هذه النظرة الأكثر حيادية للصحة النفسية التي تمكِّن الأفراد من اختبار جميع أنواع المشاعر واستكشافها، علينا أن نضع في الاعتبار الجوانب الرئيسية الأربعة للصحة الشاملة التي تساهم في تشكيل صحتنا النفسية في جميع الأوقات:
- الصحة العاطفية
- الصحة البدنية
- الصحة المالية
- الصحة الاجتماعية
تجتمع هذه الأنواع الأربعة من الصحة لتشكل الصحة النفسية. قد يشعر المرء بالمزيد من التوتر، إذا كان يمر بضغوط مالية لا يستطيع تحملها بسبب حالة طارئة، وإذا تم تشخيص أحدهم بمرض خطير، قد يمر بمشاعر الحزن والأسى أثناء محاولة تقبُّل هذا الخبر. في المقابل، إذا تعرَّف شخص على صديق جديد يشعره بالبهجة، فقد يتبع ذلك شعوره بمزيد من الراحة والتفاؤل. وإذا اتبع شخص نظام تمرينات رياضية جديد، سيستفيد من زيادة إفراز الإندورفين الذي يُحسِّن حالته البدنية والعاطفية.
كما أوضحنا، في جميع الأوقات، توجد الكثير من العوامل التي تؤثر في صحتنا النفسية، لذلك فإن محاولة وصف الصحة النفسية أنها إما جيدة وإما سيئة، قد يُقيِّد مناقشاتنا حول أفضل سبل دعم الصحة النفسية للموظفين في العمل، بل درِّب نفسك على اتخاذ موقف محايد والسماح لجميع المشاعر والتجارب الإنسانية بالظهور.
تقترح مجلة World Psychiatry هذا التعريف المحدَّث للصحة النفسية:
الصحة النفسية هي حالة متغيرة من التوازن النفسي الداخلي تمكِّن الأفراد من توظيف قدراتهم بما يتوافق مع القيم الشاملة للمجتمع. من العناصر المهمة المكوِّنة للصحة النفسية، والتي تساهم بدرجات متفاوتة في الحفاظ على حالة التوازن الداخلي: المهارات المعرفية والاجتماعية الأساسية، والقدرة على تحديد المشاعر والتعبير عنها والتحكم فيها، والتعاطف مع الآخرين، والمرونة والقدرة على التعامل مع الأحداث الحياتية السلبية، وتولي الأدوار الاجتماعية، والتمتع بعلاقة متناغمة بين الجسد والعقل.
لماذا يجب أن نناقش الصحة النفسية في العمل؟
في الواقع، نحن في حاجة إلى إجراء مزيد من النقاشات حول الصحة النفسية ودعمها في مكان العمل لأن الموظفين في حاجة إلى ذلك، لا سيما الموظفون من الأجيال الأصغر سناً. الآن، يتوقع الموظفون من أصحاب العمل مناقشة موضوعات الصحة النفسية معهم وتوفير المصادر التي تساعد في تحسين صحتهم الشاملة وتحقيق توازن صحي بين العمل والحياة الشخصية. ويتضمن ذلك على سبيل المثال لا الحصر، توفير برامج صحة شاملة تتضمن المزيد من المصادر المخصصة للصحة النفسية.
لكي نبدأ في تعلُّم كيفية مناقشة قضايا الصحة النفسية الشاملة في العمل، علينا مراعاة عوامل الخطر المتعلقة بالعمل والبحث عن مؤشراتها في مكان العمل والتي قد يكون منها على سبيل المثال:-
- إسناد مهام غير مناسبة لقدرات الفرد ونقاط قوته
- المطالبة بأداء كم عمل ضخم أو غير واقعي
- عدم وضوح المهام أو الأهداف
- عدم المرونة في ساعات العمل
- عدم تقديم الدعم المناسب للموظفين
- قصور سياسات الصحة والسلامة
- سوء الإدارة والتواصل غير المنتظم أو غير الكافي
- انعدام الاستقلالية
- ترسيخ ثقافة تتسم بالتنافس الشديد
- التنمر والمضايقات
- غياب الدعم الاجتماعي
8 طرق لدعم الصحة النفسية في العمل
طرق لدعم صحة الموظفين النفسية بصورة أفضل.
- إنشاء لغة تواصل للتعبير عن المشكلات والاحتياجات المتعلقة بالصحة النفسية
قد تجد صعوبة وشعوراً بعدم الارتياح في مناقشة الصحة النفسية، لا سيما إذا كنت تطلب المساعدة، تذكَّر ذلك عندما يأتي إليك الموظفون للحديث عن هذه المشكلات، وساعدهم في تكوين حصيلة مفردات محايدة ومشجعة حول هذا الموضوع. بالإضافة إلى ذلك، إذا اضطررت إلى التواصل مع موظف لمناقشة مخاوفك بشأن صحته النفسية، أظهر تعاطفك معه. بدلاً من اتهامه بالإخفاق أو عدم الاهتمام، جرب أن تقول شيئاً مثل: “لاحظت تباين مستوى عملك، بشكل لم أعتد عليه منك. هل كل شيء على ما يرام؟ كيف أستطيع أن أساعدك؟”. حاول أن تركز على كيفية جعل تجربته الوظيفية أكثر راحة وتحفيزاً.
- تشجيع الموظفين على طلب الإجازات لتعزيز صحتهم النفسية
يشعر الموظفون بالتقدير والدعم على المستوى الشخصي إذا أظهر أصحاب العمل تقديرهم لأهمية صحتهم النفسية، حيث تقل احتمالية إصابة الموظفين بأعراض الأمراض النفسية بنسبة 26% إذا شعروا بدعم أماكن عملهم لصحتهم النفسية، ويُظهرون أيضاً مستويات عالية من الرضا الوظيفي ويبدون نية للبقاء في الشركة لفترات طويلة. من أفضل الطرق الرائعة لإرساء هذه الثقافة، أن تمنح الموظفين أيام إجازات إضافية بهدف دعم صحتهم النفسية وتشجعهم على الاستفادة منها. سيرفع ذلك من وعيهم بموضوعات الصحة النفسية بشكل عام ومدى تقبلهم مناقشتها.
- الحد من الشعور بالخزي
عندما يطلب الموظفون إجازة بدون إنذار مسبق، درِّب نفسك على تقليل شعورهم بالخزي من خلال منحهم الإجازة بأسلوب لطيف. يُفضَّل ألا تطرح أسئلة شخصية قد تبدو فضولية، ما لم يساورك شك في وجود حالة طارئة. وعندما يخطط الموظفون مسبقاً لتخصيص يوم من أجل رعاية صحتهم النفسية، حاول الاستجابة لطلبهم على وجه السرعة لكي تُظهر دعمك لهم ورغبتك في استفادتهم من أيام إجازاتهم. إذا لم يكن باستطاعتك الموافقة على طلب إجازة لوقت أو يوم محدد، قدم بدائل للموظف لكي يعلم أنك ما زلت ترغب في أن يحصل على الإجازة.
- إبداء التعاطف
التعاطف هو أن تضع نفسك مكان شخص آخر وأن تتخيل المشاعر التي قد تشعر بها إذا كنت تمر بنفس الموقف. يتضمن التعاطف الإنصات الفعّال وإظهار اهتمامك بحياة موظفيك في حديثك معهم. مثلاً، عندما يأتيك موظف لمناقشة صحته النفسية، تحدث معه بتعاطف وأنصت إليه بهدف أن تفهمه. أظهر تأثرك بالمشاعر التي تحملها كلماته حتى يرى أنك تهتم بما يشعر به. سيساعدك ذلك في دعم موظفيك على نحو أفضل أثناء بحثك عن حلولٍ معهم.
- توفير المصادر
لا تزال العديد من الشركات تستكشف أنواع المزايا الوظيفية وقنوات الدعم الإلكترونية المتعلقة بالصحة النفسية التي ترغب في تقديمها لموظفيها ضمن باقة المزايا الوظيفية. إذا كانت شركتك واحدة من هذه الشركات، فهذا أمر طبيعي. ابدأ بتشجيع إدارة شركتك على توفير وقت للتطور المهني وحضور ورش عمل وندوات إلكترونية وغيرها من الفعاليات التي تركز على الصحة الشاملة والمرونة النفسية.
- تقييم المزايا الوظيفية
عند تقييم التغييرات التي تُجرى على باقات المزايا الوظيفية التي تقدمها للموظفين، تأكد من التعاون مع الإدارة العليا لإيجاد خيارات تعطي الأولوية للصحة النفسية. على سبيل المثال، بدأ الكثير من أصحاب العمل في التعاقد مع متعهد خارجي لتقديم خدمات المشورة النفسية إلكترونياً لدعم الصحة النفسية لعدد أكبر من الموظفين.
- مراقبة علامات الاحتراق الوظيفي
على مدار السنوات القليلة الماضية ومع تكرار الأزمات والتغيرات، أصبح الشعور بالاحتراق الوظيفي أمراً شائعاً جداً للكثير منَّا. إليك بعض علامات الشعور بالاحتراق الوظيفي التي يجب أن تنتبه إلى حدوثها بين أعضاء فرق العمل:
- الإرهاق المزمن
- ضعف التركيز وسوء الأداء
- الآلام الجسدية
- فقدان الشهية
- القلق
- سرعة الانفعال
- الاكتئاب
- التشاؤم
- العزلة والانفصال
- الشعور باليأس واللامبالاة
إذا لاحظت أي من هذه العلامات على موظفيك، استخدم أسلوباً متعاطفاً لتناقش أفضل طريقة لتقديم الدعم لهم. ادعمهم عن طريق السماح لهم بتولي زمام المحادثة والتحدث عما يرونه مناسباً لمساعدتهم، وشجعهم على التعاون معك لوضع أهداف قابلة للتحقيق.
- المرونة في العمل
المرونة في جدول العمل أو إمكانية العمل المختلط، الذي يجمع بين العمل في المكتب وعن بُعد، تساعد الموظفين في الحفاظ على مستوى صحي من التوازن بين العمل والحياة الشخصية، كما تتضمن عملية تهيئة بيئة عمل مرنة السماح للموظفين بالعمل عن بُعد أثناء السفر لزيارة أسرهم أو إلى أماكن أكثر دفئاً في الشتاء، أو ضغط ساعات العمل الأسبوعية كل حين وآخر، أو دعم الآباء والأمهات العاملين في الأوقات التي يحتاجون فيها إلى حضور مناسبات يشارك فيها أطفالهم خلال أيام العمل. تذكر أن أساس توفير المرونة لموظفيك هو السعي لتلبية احتياجاتهم خارج العمل وتهيئة بيئة لا تحد من قدرتهم على إنجاز مهامهم الحياتية خارج العمل.
لا تهمل نفسك
غالباً ما نضع أنفسنا تحت ضغط هائل في سبيل أن نكون داعمين لمرؤوسينا المباشرين والأشخاص الذين نهتم لأمرهم، مما قد يمثل تحدياً صعباً للغاية، لا سيما عندما يتعلق الأمر بالصحة النفسية. حتى الآن، يفتقر مجتمعنا إلى حصيلة مفردات قوية ومترابطة حول كيفية دعم الأفراد الذين قد يواجهون مشكلات تتعلق بالصحة النفسية، لكن الأمر يشهد تحسناً سريعاً، وبإمكان مؤسستك أن تصبح جزءاً من عملية التغيير للمساهمة في بناء مكان عمل يمكِّن الموظفين فيه ويعتني بهم ويدعم صحتهم النفسية.
تذكر أنك لا تواجه هذه التحديات بمفردك، بل أمامك الكثير من المصادر المتاحة. لكي تتعاون مع الآخرين بفعالية، عليك أن تعتني بنفسك أولاً. من أفضل الطرق لتحقيق ذلك أن تسعى نحو تطوير نفسك مهنياً بشكل يمنحك الدعم والتمكين.
تلتزم نوليدج سيتي ببناء مجتمع متماسك داخل الشركة، ولدينا العديد من المصادر الجديدة والمفيدة. سجِّل الآن في دورتنا التدريبية “الحفاظ على الصحة العقلية وسط التحديات“. تتناول هذه الدورة التدريبية عدد من الاستراتيجيات الفعالة التي ستساعدك أنت وفريقك في التغلب على التوتر وتعزيز التفكير الإيجابي. بعد ذلك، يمكنك التسجيل في دورتنا التدريبية “تهيئة ثقافة عمل صحية“، التي تقدم نصائح موجهة نحو دعم الصحة النفسية للموظفين ووضع خطط العمل وتعزيز الثقة بين أفراد الشركة وتنمية مهارات التعامل في بيئة العمل.
اشترك في نشرتنا الدورية
انضم إلى أكثر من 80,000 من خبراء الموارد البشرية واحصل على أفضل النصائح والإرشادات المتعلقة بالتدريب والتوظيف مباشرة على بريدك الإلكتروني. انضم وكُن من أفضل مديري الموارد البشرية الآن.