كيف تنمي روح الإبداع وتحقق أهداف العمل
عندما تقع على مسامعنا كلمة “إبداع”، فإن أغلبنا يفكر في رسامين أمام لوحاتهم أو مصورين يلتقطون مشاهد للحياة البرية في الصحراء. ولكن أغلب الناس يغيب عن أذهانهم أن الإبداع جزء أساسي من حياتنا، فنحن نستخدم الإبداع كل يوم لحل المشكلات وتحليل المعلومات، حتى وإن لم نكن من أهل الفن. وبالنظر إلى حياتك، ستجد أنك على الأرجح حصلت على وظيفتك الحالية لأن إبداعك وشخصيتك ساعداك على التألق أكثر من المرشحين الآخرين، لذا لا تهدر إبداعك الفطري بإغفال وجوده. فيما يلي سنكتشف الطرق التي يعود بها الإبداع بالنفع على بيئة العمل.
ما هو الإبداع المهني؟
تتطلب جميع المشكلات في حياتنا الاستعانة بروح الإبداع، بما في ذلك عالم الأعمال. الإبداع: هو القدرة على ابتكار شيء جديد أو التعامل مع المشكلات بطريقة جديدة، أما الابتكار فهو استخدام الإبداع في تنفيذ عمليات جديدة، ولذلك ترتبط مهارات الإبداع والابتكار ارتباطاً وثيقاً بالحياة المهنية للكثيرين. والآن، يسعى كبار رجال الأعمال باستمرار لضم الموظفين الذين يتمتعون بفكرٍ نقدي ثاقب ومهاراتٍ إبداعية لحل المشكلات لينجحوا في مواكبة توجه الأسواق العالمية نحو الاستخدام المتزايد لأنظمة الأتمتة والذكاء الاصطناعي والتقدم التكنولوجي أكثر من أي وقتٍ مضى، حيث تدفع التغيرات السريعة على الساحة قادة اليوم إلى بلورة أفكارٍ جديدة وفريدة تدعم الابتكار السريع.
الإبداع يمنحك قدرة أكبر على حل المشكلات
يتمتع العقل البشري بالقدرة على تقييم العمليات الإبداعية باستمرار، لذلك تنمية إبداعك الفطري تمنحك ميزة عند حل المشكلات. وبالفعل ترى 82٪ من الشركات أن الإبداع يرتبط ارتباطاً وثيقاً بنتائج الأعمال. وفي ظل التنافس المحتدم في عالم الأعمال اليوم، أصبح الإبداع ضرورة لتحقيق النجاح. ويتفق الخبراء على أن الأشخاص المبدعين في حل المشكلات يحققون نجاحاً كبيراً لأنهم يتحدون وجهات النظر السائدة ويستكشفون الخيارات المتاحة، بل ويولدون أفكاراً جديدة أيضاً ثم يتخذون القرارات بناءً على ما يرون أنه سيؤدي إلى تحقيق نتائج تفوق التوقعات السائدة.
وتوجد عدة طرق رئيسية لتعزيز مهارات حل المشكلات من خلال الإبداع، ومنها على سبيل المثال لا الحصر:
- التواصل بين المجالات أو الصناعات أو الأقسام: يعزز تدفق الأفكار، إذ يساعد التعاون بين الأشخاص من أقسام مختلفة قادة عالم الأعمال على فهم وجهات نظر مختلفة وتبني طرقاً جديدة لحل المشكلات.
- تنمية القادة للإبداع: يشجع الفريق على تعزيز ثقافة الابتكار في كل أوجه الحياة، ويميل المديرون الذين يعملون على بناء بيئة عمل ترفض الأحكام المسبقة وترحب بمشاركة شتى الأفكار المختلفة إلى تعزيز استقلالية الموظف، مما يمنحه شعوراً بالأمان عند طرح أفكار أو استراتيجيات أو حلول جديدة.
- مراعاة احتياجات فريقك الإبداعية: يساعدهم على استيعاب دوافعهم الإبداعية والتعامل معها بدلاً من كبتها.
طرق تعزيز الإبداع
يتمتع بعض الأشخاص بقدرة فطرية على الإبداع أكثر من غيرهم، تماماً مثلما يتسم بعض الأشخاص بطبيعتهم الاجتماعية أو بقدرتهم الفطرية على فهم النظريات الرياضية المعقدة؛ فلكلٍ منَّا نقاط قوة. وكما تستلزم تنمية المهارات الرياضية العمل بجد لفترة طويلة من الوقت، فإن تنمية قدرات التفكير الإبداعي تتحقق بالممارسة، ولكن إذا تمكنت من حل أي مشكلة في أي وقت، فإنك بذلك قد استخدمت مواهبك الإبداعية.
وقبل التعمق في طرق تعزيز الإبداع، دعنا نتناول أولاً العملية الإبداعية. أغلب الأشخاص الذين يعملون على تعزيز قدراتهم الإبداعية بانتظام، يرون الخطوات التالية مفيدة، ولكن لا تتردد في إعادة ترتيبها وإضافة المزيد إليها كما ترى فالعملية الإبداعية خالية من القيود.
- ابحث عن مكانٍ هادئ للتفكير: يفضل الكثيرون تخصيص الساعات الأولى من يومهم المعتاد للكتابة والتأمل، ويفضل البعض أن يكون ذلك فور نهوضهم من الفراش في الصباح. اهتم العلماء بإجراء البحوث والدراسات حول أهمية الأحلام لعشرات السنين، بما في ذلك قدرتها على توليد الأفكار من العقل الباطن. ممارسة التفكير الإبداعي في وقت مبكر من اليوم يعزز استيعابك لأفكار عقلك الباطن واكتشاف خباياه الثمينة التي قد تضيع إذا لم تفعل ذلك، مما يمهد الطريق لقضاء يوم مثمر تستغل فيه قدراتك العقلية بفعالية. في أي وقت من اليوم تقرر فيه السماح لعقلك بالابتكار، احرص على تخصيص وقتٍ هادئ خالٍ من كل ما قد يشتت انتباهك.
- كن على تواصل تام مع نفسك: ثق في قدرتك على التوصل إلى أفكار ممتازة. تخلص من أي أفكار سلبية و تحلى بالثقة في النفس، فقدرتك على مواجهة التحديات الداخلية ستساعدك على مواجهة التحديات الخارجية بكفاءة أعلى.
- استرخِ: إذا كنت تشعر بالتوتر، امنح نفسك بعض الوقت للاسترخاء قبل إجراء أي جلسات لتبادل الأفكار الإبداعية، حيث سيساعدك ذلك على الانهماك في العملية الإبداعية بثقة وحماس.
- خصص وقتاً للمرح: إذا كنت دائم التركيز على تحقيق النتائج فقد يُقيد ذلك روحك الإبداعية، لأنك تحتاج إلى قضاء أوقات ممتعة في حياتك حتى يتسنى لأفكارك التدفق بحرية. انظر للأمر من هذه الزاوية: إذا كنت متوتراً أو قلقاً طوال الوقت، فلن يتبقى لذهنك ما يكفي من الطاقة للإبداع.
- التكرار: إذا لم تسر الأمور على النحو المرجو في المرة الأولى، فحاول ألا يصيبك الإحباط وأعد الكَرَّة مرةً أخرى.
- مساعدة الآخرين: المشاركة في أوقات التدريب مع زملائك سيساعدك على رؤية الأمور من منظور جديد لأننا عندما نساعد الآخرين على فهم العمليات التي باتت روتينية في حياتنا، قد يساعدنا ذلك على رؤية أفعالنا من زاوية مختلفة.
بمجرد اكتشاف الطريقة المناسبة لك، جرِّب اتباع بعض النصائح التالية التي وضعها العالم المختص في علم النفس الاجتماعي جراهام والاس لاستخدام التفكير الإبداعي:
- معرفة وقت ظهور المشكلة: تعد القدرة على التعرف على المشكلة في وقت مبكر أمراً بالغ الأهمية لإيجاد حل مبتكر. اجمع أكبر قدر ممكن من المعلومات عن المشكلة أولاً لتتمكن من التوصل إلى بعض الحلول المبدئية.
- تكوين الأفكار: بعد التعرف على المشكلة جيداً، خذ قسطاً من الراحة وافعل شيئاً آخر وتأمل في أفكار لا علاقة لها بالمشكلة. وخلال هذه الخطوة، سيعمل عقلك الباطن على التوصل إلى حل.
- الاستنارة: بفضل مرحلة تكوين الأفكار، سيصبح من السهل على عقلك التوصل إلى حلول أو حقائق مستنيرة.
- التحقق: في هذه المرحلة يمكنك تنفيذ الحل المبدئي الذي توصلت إليه للتأكد من جدواه. وإذا كان بلا جدوى، فأعد العملية مرة أخرى.
بخلاف هذه العملية، من الضروري أن تتحدى قدراتك الإبداعية بصورة منتظمة لتتخطى حدود إمكاناتك. وقد ألقى ديفيد كيلي، مؤسس شركة IDEO، محاضرة في مؤتمر تيد (TED) حول الثقة الإبداعية، تحدَّث فيها عن الكفاءة الذاتية وقدرات الأشخاص على تغيير العالم من خلال إبداعهم.
بعض النصائح لتنمية روح الإبداع:
- التعاون وطلب الملاحظات التقييمية: عندما تتعاون مع الآخرين، يُتاح لك التعرف على وجهات نظر جديدة واستلهام مفاهيم مبتكرة. وعلاوةً على ذلك، عندما تنغمس في مشكلة ما عن كثب، قد تصعب عليك رؤيتها بوضوح، لذلك احرص على التواصل مع زملائك للحصول على ملاحظات تقييمية ونصائح عند الحاجة.
- الاستلهام من خبرات المجالات الأخرى: تابع أداء الشركات النامية بشكل دوري وقيِّم جوانب تفوقها والأسباب التي أدت إلى نجاحها، فقد تمر بإحدى لحظات الاستلهام التي تحدَّث عنها جراهام والاس.
- تخصيص وقت للاسترخاء والاستمتاع: من خلال المشي وممارسة الرياضة، أو تخصيص وقت تقضيه بعيداً عن شاشات الأجهزة الإلكترونية. اسمح لعقلك أن يتحرر من القيود. استمتع بفعل ما يُشعرك بالسعادة أو تجنب فعل أي شيء على الإطلاق، أهم شيء هو أن تخصص وقتاً للعناية بنفسك والشعور بالاسترخاء لتفادي تجنب إرهاق نفسك.
- اختبار الذات بانتظام: ابحث عن بعض الأفكار السيئة واطرح أفكاراً أخرى للارتقاء بها وتحسينها. ما الذي ستفعله بشكلٍ مختلف؟ وكيف تستطيع بعض التغييرات الطفيفة التأثير على النتائج بشكلٍ كبير؟ مارس إبداعك بانتظام لتحافظ على شعلته متقدة.
الخطوات القادمة
يُعرَف الإبداع بتقلباته، ولكننا نحافظ على عقولنا ثاقبة بالمشاركة في عمليات التفكير الإبداعي بانتظام. يولد البشر كافة ولديهم قدرة طبيعية على الإبداع، لكننا لا بد أن نتعلم كيف نستخدمها في حياتنا المهنية لنحقق النجاح. لا شك في أن كبار قادة الأعمال قد وصلوا إلى تلك المكانة بفضل قدرتهم على استخدام مهارات التفكير المنطقي والتوصل إلى حلول مبتكرة عند ظهور المشكلات. فإذا كنت تبحث عن فرصة لتنمية مهاراتك الإبداعية، ندعوك لمشاهدة الدورة التدريبية “فهم الإبداع” من نوليدج سيتي. تتناول هذه الدورة التدريبية الإبداع بهدف حل المشكلات بشكلٍ تفصيلي، وتتضمن شرح للعملية الإبداعية وطريقة تفكير العقل البشري وكيف يمكنك تدريب الجانب الإبداعي من شخصيتك من خلال تدريبات مبتكرة. ابدأ التدريب اليوم وأطلق العنان لابداعك، فالعالم في حاجة إليه.
اشترك في نشرتنا الدورية
انضم إلى أكثر من 80,000 من خبراء الموارد البشرية واحصل على أفضل النصائح والإرشادات المتعلقة بالتدريب والتوظيف مباشرة على بريدك الإلكتروني. انضم وكُن من أفضل مديري الموارد البشرية الآن.