كيفية استخدام نهج التعلُّم المصغر لتعزيز الإنتاجية في العمل
بقدر ما قد نعتقد أن أدمغتنا آلات فائقة القدرة يمكنها إنجاز أي مهمة نجتهد لإنجازها، إلا أن قدرات أدمغتنا لها حدود لا يمكننا التغلب عليها بالأمنيات والتفاؤل. فقد تنخفض قدرتنا على الاحتفاظ بالمعلومات، ومن ثمَّ إنتاجيتنا أيضاً، إذا حاولنا تعلُّم كم كبير من المعلومات في وقتٍ قليل. وهذا ما يحدث بالفعل في عصرنا الرقمي الحالي، حيث تصلنا المعلومات باستمرار من مصادر متعددة على مدار اليوم.
تُعد المشاركة في ممارسات التعلُّم المصغر من الأساليب التي يمكن من خلالها التعاون مع دماغك، بدلاً من العمل بطريقة مخالفة له. سنتعرف اليوم على كيفية -آلية عمل نهج التعلُّم المصغر وكيف يساعدك في زيادة إنتاجيتك.
ما المقصود بالتعلُّم المصغر؟
قد يبدو نهج التعلُّم المصغر غير منطقي في البداية، لكنه يُعد أداة فعَّالة لحفظ المعلومات المعقدة. يعتمد التعلُّم المصغر على فكرة الإيجاز، التي تقضي بالمشاركة في العديد من أنشطة التعلُّم المصغرة، والتي تمنحك أجزاءً صغيرة من المحتوى في المرة الواحدة. وغالباً ما يتضمن التعلُّم المصغر استراتيجيات متعددة الوسائط، مثل الجمع بين النصوص والصور ومقاطع الفيديو والمقاطع الصوتية والاختبارات والألعاب أيضاً.
غالباً ما تقتضي الأساليب التقليدية للتعلُّم حضور الدارسين دروس أو ندوات طويلة لتعلُّم أفكار مهمة، قد تتضمن هذه الطريقة أيضاً تلقي المعلومات من خلال استراتيجيات متعددة الوسائط، لكن يُقدَّم المحتوى على مدار عدة ساعات أو حتى عدة أيام، ومن المفترض أن يحفظ المشاركون جميع هذه المعلومات. ينسى الكثيرون ما يتعلموه بهذه الطريقة أو جزء منه على الأقل، ما لم يُخصِّصوا المزيد من الوقت للمذاكرة والمراجعة مما يستهلك وقتاً يمكن الاستفادة به بشكل مثمر في تطبيق المعلومات والمهارات التي يتعلَّمونها.
يتميز نهج التعلُّم المصغر بمرونته وأهدافه المحددة بشكل أكبر من غالبية استراتيجيات التعلُّم الموسَّع (أو التعلُّم التقليدي)، لأنه يسمح للأفراد بإمكانية الوصول للمعلومات عند شعورهم بالحماس والتركيز، مما يمنحهم الفرصة لاستيعاب المحتوى قبل أن يؤثر الإجهاد عليهم. عادة ما يركز نهج التعلُّم المصغر على موضوع واحد فقط في كل مرة، مما يسمح للدماغ بالاستيعاب بالوتيرة المناسبة، وتُناسب هذه الطريقة مجتمعنا اليوم، حيث يبلغ متوسط فترة انتباه الشخص البالغ في جيل الألفية 12 ثانية. ويعمل نهج التعلُّم المصغر على إشراك المتعلِّمين في أنشطة، مثل الاختبارات التفاعلية والألعاب وأنشطة الذكاء الاصطناعي التي تجذب انتباههم على الأخص مع قِصر فترة الانتباه.
متى تستخدم نهج التعلُّم المصغر؟
يمكن تطبيق نهج التعلُّم المصغر عبر القطاعات المختلفة باستخدام أساليب متعددة، ويظهر ذلك بقوة في قدرة التعلُّم المصغر على تحقيق النجاح في بيئات العمل سريعة التطور، حيث ستؤدي التكنولوجيا دوراً كبيراً في تطور هذا النهج. لقد أثبت التعلُّم المصغر أنه اتجاه فعَّال يستحق المتابعة. وفيما يلي بعض الموضوعات التي يمكن تطبيق نهج التعلُّم المصغر بها في مؤسستك:
-
السلامة: يُعد العمل في مجال الرعاية الصحية أمراً شاقاً، حيث يستهلك العديد من العاملين في هذا المجال القدر الأكبر من طاقتهم في المهام العملية مع المرضى أو غيرهم من المهنيين، لذلك صُممت Dr. Neb، وهي لعبة مخصصة لمساعدة الأطباء السريريين في تحديد أفضل خيارات العلاج للمرضى الذين يعانون داء الانسداد الرئوي المزمن غير المنضبط. وتساعد مثل هذه الألعاب على منع حدوث مشكلات في العمل.
-
الامتثال: تتغير معلومات الامتثال والمعلومات الرقابية باستمرار في بيئة العمل الحالية، ويساعد نهج التعلُّم المصغر في تقديم محتوى مهم بشكل مستمر وفي وقت قصير.
سياسات الموارد البشرية: يشارك غالبية الموظفين في الدورات التدريبية التي يقدمها قسم الموارد البشرية بدون حماس، وكثيراً ما ينسون معلومات مهمة تخص السلامة والسياسة. تحظى بعض سياسات الموارد البشرية بأهمية كبيرة ويجب أن يكون الموظفون على علم بها طوال الوقت، ومن بين هذه السياسات تلك المتعلقة بالتحرش الجنسي وامتيازات الموظفين والإبلاغ عن المخالفات. يمكن اتباع نهج التعلُّم المصغر لتقديم هذه المعلومات على فترات منتظمة بشكل يضمن تذكر الموظفين لهذه المعلومات دائماً وأيضاً سهولة تتبعها.
مميزات التعلُّم المصغر
يتمتع التعلُّم المصغر بالعديد من المميزات الهامة، نذكر أبرزها في السطور التالية.
-
سهولة استيعاب المعلومات وحفظها.
-
تقديم المعلومات المستهدفة باستخدام مواقف واقعية يستوعبها المتعلمون. إمكانية تعديل المحتوى بحيث يكون مناسباً للمشاركين.
-
توفير الدعم السريع للموظفين والمؤسسات التي يطرأ عليها تغيرات سريعة وتحتاج إلى إخطار عدد كبير من الموظفين بسرعة.
-
إمكانية الوصول إلى المعلومات عبر الأجهزة المحمولة تسمح للمتعلِّمين بتصفح المحتوى وحفظه على الأجهزة المناسبة لهم، مما يزيد من نسبة تفاعلهم معه.
بخلاف تلك المميزات الأساسية لذلك النظام، من المهم مراعاة مدى ملاءمته لظروف العمل في عصرنا الحديث. لقد توصَّل الباحثون في جامعة كاليفورنيا بمدينة إرفين إلى أن الموظفين يقضون 12 دقيقة فقط، في المتوسط، في أي مشروع قبل أن يتعرَّضوا للمقاطعة بطلب آخر، كما توصَّلت دراسة أُجريت في جامعة روتشستر إلى أنه عند مشاهدة مقاطع فيديو تزيد مدتها على 12 دقيقة، يبدأ المتعلِّمون في تخطي أجزاء منها بدلاً من مشاهدة المحتوى بأكمله.
على الجانب الآخر، يُعد هذا النهج مفيداً للشركات والموظفين على حدٍ سواء، لأنه وسيلة أكثر سرعة وأقل تكلفة لتقديم المعلومات للموظفين الذين يجدون سهولة في التفاعل مع المحتوى بهذه الطريقة. يمكن إعداد الدورات التدريبية التي تتبع نهج التعلُّم المصغر في وقت أقل من دورات التعلُّم التقليدية بنسبة 300% وبنصف التكلفة أيضاً، كما أنها تحقق معدل تفاعل أكبر بنسبة 50%.
كيف يعمل نهج التعلُّم المصغر على زيادة الإنتاجية
قد يكون تحسين الإنتاجية من أفضل النتائج التي يحققها نهج التعلُّم المصغر. وفقاً لصحيفة نيويورك تايمز، عادة ما يؤدي تعدد المهام إلى خفض الإنتاجية، لأن أدمغتنا تمتلك قدرات إدراكية محدودة للتعلُّم وحفظ التفاصيل، وتعتمد قدرتنا على إنجاز المهام على مدى تركيزنا على كل مهمة.
يعزز التعلُّم المصغر تركيز المتعلِّمين في موضوع واحد فقط على حدة، مما يجعل العملية التعليمية أكثر سهولة علينا، كما أنه يساعد المتعلِّمين في:
-
أن يظلوا مسؤولين عن المحتوى الذي يحتاجون إلى تعلمه – يَسهُل وضع إشارات مرجعية على المعلومات والوصول إليها لاحقاً في حالة مقاطعة المحاولة الأولى.
-
متابعة التقدم – الأدوات المُدمَجة لتتبع التقدم أو تحديد التسلسل تدعم تفاعل المتعلِّمين مع المحتوى الأكثر أهمية أولاً، بينما تشجعهم على مواصلة التقدم من خلال قياس إنجازاتهم خلال رحلة التعلُّم.
-
الحفاظ على تنظيم المواد – باتباع نهج التعلُّم المصغر، يمكن الاحتفاظ بجميع المواد في مكان واحد بسهولة باستخدام نظام لإدارة التعلُّم.
يمكن أيضاً تخصيص نهج التعلُّم المصغر بسهولة، بفضل الذكاء الاصطناعي وتكنولوجيا تعلُّم الآلة، حيث تسمح هذه التطورات التكنولوجية بإمكانية تقديم محتوى تعليمي مخصص للأفراد بعد إجرائهم تقييم سريع، كما يمكن تخصيص المحتوى مع تقدم المتعلِّم في الدروس، مما يحافظ على جاذبية المعلومات بالنسبة للمتعلِّمين ويساعدهم في الشعور بالتحدي والحماس المطلوبين، لأنهم يشعرون بأهمية المحتوى الذي يتعلَّمونه، وبزيادة الحماس تزداد الإنتاجية.
التعلُّم المصغر: توجه فعَّال في العمل
نظراً لسهولة تخصيص التعلُّم المصغر وتعديله في قوالب مختلفة، فهو يُعد اتجاهاً فعَّالاً للتعلُّم، خاصة للمتعلِّمين في مكان العمل. ومع استمرار تطبيق التكنولوجيا في عملية التعلُّم، سنلاحظ زيادة استخدام الذكاء الاصطناعي والمحتوى التفاعلي لإشراك المتعلِّمين حتى من يعانون من قِصَر فترات الانتباه. يساعد هذا الاتجاه على زيادة إنتاجية الأشخاص الذين يعملون في بيئة عمل سريعة الوتيرة، لأنه يسمح لهم بالاطلاع على المحتوى المطلوب بسرعة أو حتى أثناء التنقل في الفترات الفاصلة بين الاجتماعات والمواعيد.
تكمن فعالية التعلُّم المصغر في تلافي الإجهاد الناتج عن الكثير من المعلومات أو المهام المطلوبة في وقت واحد، كما أنه يُعد وسيلة رائعة لضمان حصول فريقك على أحدث المعلومات واستمرار تقدم كل شخص في مجال عمله.
اشترك في نشرتنا الدورية
انضم إلى أكثر من 80,000 من خبراء الموارد البشرية واحصل على أفضل النصائح والإرشادات المتعلقة بالتدريب والتوظيف مباشرة على بريدك الإلكتروني. انضم وكُن من أفضل مديري الموارد البشرية الآن.