مع تسارُع وتيرة التغيرات التي يشهدها سوق العمل اليوم، أضحى الاستثمار في مهارات الموظفين وبذل مُختلف الموارد لتطويرهم وصقل مهاراتهم لِزاماً على الشركات الساعية إلى الازدهار. وفي ظل تطور المشهد التقني وظهور وظائف جديدة، بات من الضروري أن تحرص الشركات على مواكبة التغيرات والتأكد من اكتساب موظفيها للمهارات اللازمة لتحقيق النجاح.
وفقاً للمنتدى الاقتصادي العالمي، يتعين إجراء إعادة تشكيل وصقل لمهارات حوالي نصف الموظفين بحلول عام 2025 لمواكبة سوق العمل المُتغير. وهذا يعني أن الشركات ستحتاج إلى البدء في إعطاء الأولوية لمبادرات إعادة تشكيل المهارات وصقلها حفاظاً على قدرتها التنافسية وللاحتفاظ بأفضل كفاءاتها.
إعادة تشكيل المهارات ليست مجرد حل قصير المدى، ولكنها عملية مستمرة. يمكن للشركات اتباع نهج استباقي لتحديد المهارات المطلوبة في سوق العمل مستقبلاً، ومن ثمَّ وضع خطط شاملة لإعادة تشكيل تلك المهارات. وبذلك، فإنها تُعِد موظفيها وتُسلِّحهم للنجاح في سوق العمل سريع التغير.
يستكشف هذا المقال أبرز الفروق بين مفهومي إعادة تشكيل مهارات الموظفين وصقلها، كما يجيب عن بعض الأسئلة ذات الصلة، مثل ما الذي تستلزمه عملية إعادة تشكيل المهارات، وكيف يمكن للشركات تنفيذ مبادرات إعادة تشكيل المهارات وما الأسباب الكامنة التي قد تعوق نجاح هذه المبادرات؟
ما الفرق بين إعادة تشكيل المهارات وصقل المهارات؟
قبل الخوض في تفاصيل مفهوم إعادة تشكيل المهارات، يجب تمييزه عن مفهوم صقل المهارات. ورغم استخدام المصطلحين أحياناً بالتبادل، فثمَّة اختلاف جوهري بينهما.
صقل المهارات
صقل المهارات هي عملية تعليم الموظفين مهارات جديدة ذات صلة بدورهم الوظيفي الحالي، وتهدُف إلى تحسين أداء الموظف وتعزيز فرصه في التقدُّم المهني. وقد تشمل مبادرات صقل المهارات أنشطةً عديدة، مثل التدريب على برامج جديدة، أو تعلُّم لغة مختلفة، أو تطوير مهارات قيادية.
إعادة تشكيل المهارات
تتضمن عملية إعادة تشكيل المهارات تعليم الموظفين مهارات جديدة تماماً لا تتعلق مباشرة بوظائفهم الحالية. وتظهر أهمية هذه المبادرات تحديداً عندما يجد الموظف نفسه بحاجة إلى اكتساب معارف مُحددة وتعلُّم مهارات مختلفة تُمكنه من التكيُّف مع التغيرات الهيكلية في بيئة العمل ومواكبة التطورات التقنية التي باتت تُهدد بعض الوظائف.
وقد تتخذ مبادرات إعادة تشكيل المهارات صوراً عديدة، مثل تعلُّم تقنيات جديدة، أو الحصول على شهادة ما، أو اكتساب مهارات في مجال مختلف عن مجال العمل الحالي.
تكتسب مبادرات إعادة تشكيل المهارات أهمية متزايدة في ظل استمرارية تطوُّر سوق العمل، وهذا يعني حاجة العديد من الموظفين إلى تعلُّم مهارات جديدة سواء لمواكبة التغيرات في وظيفتهم الحالية أو للانتقال إلى وظيفة جديدة.
كيفية إعادة تشكيل مهارات الموظفين
قد تجد بعض الشركات مهمة إعادة تشكيل مهارات الموظفين تحدياً كبيراً، إلا أن اتباع النهج الصحيح يضمن دائماً نجاح هذه المبادرات وسهولة تنفيذها. ونذكر فيما يلي بعض الخطوات التي يمكن للشركات اتخاذها لإعادة تشكيل مهارات موظفيها بفعالية:
- مهارات المستقبل: تكمن أولى خطوات عملية إعادة تشكيل مهارات الموظفين في تحديد المهارات التي سيركز عليها سوق العمل خلال السنوات القادمة. وقد تتضمن هذه الخطوة إجراء تحليل فجوة المهارات لاكتشاف المهارات التي يفتقر إليها موظفو المؤسسة بالإضافة إلى الاطلاع على أحدث اتجاهات مجال العمل وتوقعاته في هذا الصدد.
- التخطيط لإعادة تشكيل المهارات: بمجرد الوقوف على المهارات اللازم تطويرها، يحين وقت التخطيط لعملية إعادة تشكيل المهارات. يجب أن تتضمن الخطة جدولاً زمنياً وأن يُخصص لها ميزانية مُحددة وتتلقى كل الموارد اللازمة لنجاح إعادة تشكيل مهارات الموظفين. كما يُراعَى أيضاً الحرص على إشراك الموظفين في عملية التخطيط، ما يضمن تقبُّلهم للخطة والتزامهم ببرنامج إعادة تشكيل المهارات.
- توفير فرص التدريب والتطوير: توفير فرص التدريب والتطوير جزءاً أساسياً من عملية إعادة تشكيل مهارات الموظفين. ومن أمثلة تلك الفرص، تنظيم الورش أو الدورات التدريبية، سواء عبر الإنترنت أو على رأس العمل. من المهم أيضاً توفير مجموعة متنوعة من الخيارات لتلبية مُختلف أنماط التعلُّم والتفضيلات.
- تشجيع التعلُّم المستمر: تتسم عملية إعادة تشكيل المهارات بالاستمرارية، لذا، يجب أن تحرص الشركات على الاستثمار في مبادرات التعلُّم المستمر، ويكون ذلك عبر إتاحة وصول الموظفين إلى منصات التعلُّم عبر الإنترنت، أو تقديم حوافز لإنهاء البرامج التدريبية، أو إنشاء ثقافة مُحفزة للتعلُّم داخل المؤسسة.
- مراقبة التقدم المُحرَز وتقديم الملاحظات: يجب ألا تتكاسل الشركات عن متابعة التطورات وقياس مدى التقدم الذي أحرزه الموظفون خلال خضوعهم لعملية إعادة تشكيل المهارات. ويُمكن متابعة هذا التقدم عبر عقد اجتماعات منتظمة وتنظيم جلسات دورية للتقييم وتقديم الملاحظات. سيساعد ذلك الموظفين على البقاء على المسار الصحيح ويتيح لهم فرصة الإفصاح عن الشواغل التي تؤرقهم والتحديات التي تواجههم.
أسباب فشل بعض الشركات في إعادة تشكيل مهارات موظفيها؟
رغم أهمية مبادرات إعادة تشكيل المهارات، إلا أن بعض الشركات تعجز عن تنفيذها كما ينبغي، ويُعزَى ذلك لعدة أسباب نذكر منها ما يلي:
- شح الموارد: أحد أهم الأسباب الكامنة وراء فشل الشركات في إنجاح مبادرات إعادة تشكيل مهارات الموظفين يكمُن في نقص الموارد. فهذه العملية قد تكون مكلفة وتستغرق وقتاً طويلاً، وقد لا تمتلك العديد من الشركات الميزانية الكافية أو الموارد اللازمة للاستثمار فيها.
- مقاومة التغيير: عملية إعادة تشكيل المهارات قد تتطلب إجراء تغييرات كبيرة في دور الموظف أو مسؤولياته، وقد يجد بعض الموظفين صعوبة في تقبل هذا التغيير أو فهم مدى أهمية اكتساب مهارات جديدة وتأثيرها على أدوارهم.
- الافتقار إلى التخطيط والاستراتيجية: يُعد غياب خطة مُسبقة واستراتيجية واضحة بمثابة الوصفة المثالية لفشل جهود إعادة تشكيل مهارات الموظفين. فغياب الرؤية الواضحة للمهارات المطلوبة في المستقبل، وعدم امتلاك خطة فعالة لإعادة تشكيل مهارات الموظفين، يُعيق تحقيق الأهداف المرجوة من هذه العملية.
- التركيز قصير المدى: تصُب العديد من الشركات جل تركيزها على مكاسبها على المدى القصير وتغفل عن إدراك قيمة الاستثمار في إعادة تشكيل مهارات موظفيها على المدى الطويل، ما قد يترتب عليه غياب الالتزام ونقص الموارد المُخصصة لهذه المبادرات.
فوائد إعادة تشكيل مهارات الموظفين
في حين أن إعادة تشكيل مهارات الموظفين تتطلب استثماراً سخياً من حيث الوقت والموارد، إلا أن فوائدها تفوق تكاليفها بمراحل. وفيما يلي بعض فوائد إعادة تشكيل مهارات الموظفين:
1- زيادة اندماج الموظفين ومعدلات الاحتفاظ بهم: تعكس مبادرات إعادة تشكيل المهارات للموظفين مدى حرص الشركة على الاستثمار في نموهم وتطورهم، ما يُسهم في زيادة اندماجهم وتحفيزهم، وقد يؤدي في النهاية إلى ارتفاع معدلات الاحتفاظ بالموظفين.
2- تحسين الأداء والإنتاجية: تُساعد مبادرات إعادة تشكيل المهارات الموظفين على اكتساب مهارات ومعارف جديدة تُمكِّنهم من تحسين أدائهم وإنتاجيتهم، ما قد ينعكس إيجابياً على مستوى الشركة ويزيد معدلات الرضا الوظيفي.
3- التكيُّف والمرونة: إعادة تشكيل مهارات الموظفين تمنحهم فرصة التكيُّف مع المتغيرات في سوق العمل واكتساب المرونة في وظائفهم، خصوصاً في ظل الحاجة المتزايدة لقدرتهم على التكيف بسرعة مع التقنيات والاتجاهات العصرية.
4- توفير التكاليف: إعادة تشكيل مهارات الموظفين تُعد وسيلة فعالة من حيث التكلفة للشركات لسد فجوات المهارات وتلبية احتياجاتها المتغيرة، ويتضح ذلك عند مقارنتها بتعيين موظفين جُدد أو إسناد مهام إلى أطراف خارجية.
موجز القول
ختاماً، اكتسبت مبادرات إعادة تشكيل المهارات أهمية متزايدة في الآونة الأخيرة وجذبت انتباه العديد من الشركات الرامية للحفاظ على قدرتها التنافسية والاحتفاظ بأفضل الكفاءات. ويُمكن للشركات تنفيذ هذه المبادرة بفعالية عبر معرفة الفرق بين إعادة تشكيل المهارات وصقلها، ووضع خطة فعّالة لإعادة تشكيل مهارات موظفيها، وتوفير فرص التدريب والتطوير اللازمة. وعلى الرغم من وجود بعض التحديات والعوائق التي قد تواجهها الشركات في هذه العملية، فإنها ستجني ثماراً تغطي التكاليف وتتجاوزها، ما يجعلها استثماراً استراتيجياً مفيداً لأي شركة تتطلع إلى الازدهار في سوق العمل في المستقبل.
ماذا تقدم نوليدج سيتي للشركات والمؤسسات في هذا الأمر؟
تدعم نوليدج سيتي الشركات ومؤسسات الأعمال التي تمر برحلة إعادة تشكيل المهارات وصقل المهارات لموظفيها بحزمة فريدة من الأدوات المساعدة لتحقيق الهدف المنشود من وراء هذه الرحلة. يُعد من أولى هذه الأدوات المساعدة هي المنصة التدريبية لنوليدج سيتي، حيث توفر نوليدج سيتي منصة غنية بالدورات التدريبية التي تعمل على تعزيز قدرات ومهارات الموظفين في مختلف القطاعات مثل المالية والتقنية وإدارة الأعمال. من المؤكد أن رحلة التعلُّم عندما تكون باللغة الأم تكون أكثر سهولة وسلاسة لأجل ذلك وفرت نوليدج سيتي خدمات الترجمة والتعريب الصوتي لدوراتها التدريبية. بالإضافة إلى وجود خدمات المتابعة وإرسال التقارير الدورية وانشاء مسارات تدريبية ملائمة وفقاً للاحتياجات التدريبية. يُمكنك تصفح منصة نوليدج سيتي والتعرُّف على المزيد من المميزات الفريدة التي جعلتها الوجهة الأولى للعديد من الشركات والمنظمات في العديد من الدول العربية والأجنبية من خلال أنشاء حساب تجريبي للشركات. فرصة فريدة تنتظرك الآن فلا تتردد.
اشترك في نشرتنا الدورية
انضم إلى أكثر من 80,000 من خبراء الموارد البشرية واحصل على أفضل النصائح والإرشادات المتعلقة بالتدريب والتوظيف مباشرة على بريدك الإلكتروني. انضم وكُن من أفضل مديري الموارد البشرية الآن.