القيادة من القلب: ما هي الأسباب وراء نجاح القادة المتعاطفين؟
القيادة المتعاطفة في طريقها لأن تصبح ممارسة شائعة بين القادة في أماكن العمل اليوم. ما معنى أن تصبح قائداً متعاطفاً؟ جوهر القيادة المتعاطفة هو إبداء اهتماماً صادقاً ببقية أفراد الفريق، فالقادة المتعاطفون يتحلون غالباً بدرجة عالية من الذكاء العاطفي تساعدهم على فهم مشاعر واحتياجات أعضاء الفريق، ولاسيما أثناء الأوقات العصيبة.
القيادة المتعاطفة ازدادت انتشاراً في أعقاب جائحة كوفيد-19 في 2020، عندما تعرَّض الموظفون لتغيرات ومصاعب متعلقة بالعمل، ورعاية الأطفال، والعناية بالمحاذير الصحية، والرفاهية الاجتماعية. القيادة المبنية على التعاطف تسمح للقادة بالتفاعل مع أفراد الفريق بتعاطف ومصداقية وبدون أن يؤثِّر ذلك على تعزيز الإنتاجية.
من هو القائد المتعاطف؟
القادة المتعاطفون يتعاملون بتعاطف في مكان العمل، فهُم لا يكتفون باحترام وتقدير مشاعر واحتياجات الآخرين، إنما يتعاطفون مع هذه المشاعر وينغمسون فيها. على سبيل المثال، عندما يشعر أحد الموظفين بالتعب، يتقبل القائد غيابه ويوجه إلى كلمات تعبر عن تعاطفه معه، ويُصِر على أن يحصل الموظف على الراحة اللازمة لكي يتعافى تماماً قبل أن يعود إلى العمل.
يتَّصِف القادة المتعاطفون أيضاً بالمرونة والتفهم والإدراك لظروف الحياة خارج نطاق العمل. هذا النوع من القادة يتفهمون مصاعب رعاية الأطفال، والأزمات المرورية غير المتوقعة أثناء تنقل الموظفين من وإلى العمل، ويدركون أن صحة الموظفين أثمن من العمل الذي يؤدونه. التعاطف يشير إلى قدرة القائد على التكيف مع كافة الظروف مع الحفاظ على الفعالية وتعزيز الإنتاجية.
من بين أنواع القيادة كلها، يتَّصِف القادة المتعاطفين غالباً بإبداء أقصى درجات التعاطف، فالتعامل مع الموظفين بتعاطف واهتمام صادق يُمكِن أن يؤدي إلى تقليل دوران الموظفين وزيادة الإنتاجية. على سبيل المثال، عندما يكون أحد الموظفين مثالٌ يحتذى به في التفاني في العمل، والانتظام في مواعيد الحضور والانصراف، والكفاءة العالية، والنهوض بأعباء العمل على أكمل وجه، إذا تصادف وحضر هذا الموظف إلى العمل متأخراً على غير العادة، يجدر إبداء التعاطف معه بسؤاله: “هل تواجه أي مشكلة اليوم؟”.
يؤدي ذلك إلى رفع الروح المعنوية للموظف على العكس تماماً مما إذا سألته: “لماذا حضرت متأخراً اليوم؟”، فهذا السؤال يوحي للموظف بأنه في موضع لوم أو انتقاد.
القادة المتعاطفون يبادرون إلى إبداء مشاعرهم في البداية، لأنهم — كما سبق وذكرنا — يتحلون بدرجة عالية الذكاء العاطفي، وهو ما يشير إلى قدرتهم على إدارة مشاعرهم مع إبداء التفهم الكامل لمشاعر الآخرين. هذه السمة تساعد القادة على تنحية أهوائهم وتصوراتهم الشخصية وردود أفعالهم الخاصة أثناء التعامل مع أي موقف.
يتَّصِف القادة المتعاطفون أيضاً بالسلاسة في التعامل وسهولة الوصول إليهم، مما يمنح الموظفين شعوراً بالارتياح عند الحديث إليهم، والتعبير لهم عن المصاعب التي يتعرضون لها، وإبلاغهم بالأفكار والمقترحات.
رغم أن أنواع القيادة المختلفة تشترك في العديد من الخصائص، فإن بعضها يخص القادة المتعاطفون دون غيرهم، فهُم يُدرِكون ويتنبأون ويتفهمون كيفية إشباع الاحتياجات النفسية لأعضاء الفريق، حيث إنهم يوظِّفون ذكاءهم العاطفي عند التفاعل مع المواقف العصيبة التي تقع يومياً، ويتبنون أسلوب الإنصات الفعال لفهم الصورة الصحيحة وتكوين رأي سديد في كل موقف.
علاوة على ما سبق، يعمل القادة المتعاطفون على بث روح الاتحاد في صفوف الموظفين والترويج لسياسات ومفاهيم الاختلاف والتنوع . نظراً لأن التعاطف يبدأ من القمة، فإن هؤلاء القادة يبدون تعاطفهم الصادق والمستمر بهدف ترسيخ ثقافة عمل تدفع جميع أفراد الفريق إلى التحلي بالتعاطف فيما بينهم.
القادة الذين يتعاملون بتعاطف في مكان العمل يفهمون ما يتعرض له الموظفون، ويُعبِّرون عن أحوالهم، ويبدون اهتماماً صادقاً بما يشعرون به وينطقون عنه.
ما هي أهمية التعاطف لنجاح القيادة؟
التعاطف في مكان العمل له مميزات عديدة، ولذلك سنتناول فيما يأتي بعض فوائد القيادة المتعاطفة:
بناء علاقات وطيدة. تفهم الآخرين يُرسِّخ العلاقات، ويقوي الثقة، ويعزز التواصل. التعاطف يجعل الموظفين يشعرون بقيمة آرائهم وتجاربهم.
بث روح الفريق. القادة الناجحون يعملون على إرساء ثقافة تدور في جوهرها حول أسلوب القيادة الذي يُطبِّقونه، جنباً إلى جنب مع ثقافة التعاطف التي تقود أفراد الفريق إلى اكتساب مهارات التواصل الفعال والتحلي بالشمولية وتقبُّل الآخر، فالواقع يقول إن 50% من الموظفين تحت قيادة بالغة التعاطف يتحلون بالشمولية مقارنةً بما نسبته 17% من الموظفين تحت قيادة لا تقيم وزناً كبيراً لمسألة التعاطف.
تعزيز التوازن الصحي بين العمل والحياة. القادة المتعاطفون يقيمون وزناً لظروف الحياة خارج نطاق العمل، وبالتالي فعندما يشعر الموظفون أن القادة متعاطفون مع ظروفهم، يُمكِّنهم ذلك من تحقيق التوازن الفعال بين العمل والالتزامات الشخصية.
تحسين معدلات دوران الموظفين. القادة الذين يتعاملون بتعاطف يستثمرون ذلك لإرساء ثقافة داعمة، وبالتالي فإن الموظفين تحت قيادات متعاطفة يشعرون بالدعم، مما يشعل في نفوسهم الرغبة في إفناء أنفسهم لصالح المؤسسة التي يعملون بها.
تعظيم الإنتاجية. القادة المتعاطفون يهيئون بيئة عمل لا يشعر فيها الموظفون بالإنهاك نتيجة للعمل، مما يضاعف قدراتهم الإنتاجية.
تشجيع الابتكار. الموظفين تحت قيادات بالغة التعاطف أكثر إبداعاً وتفهماً من الموظفين تحت قيادات لا تقيم وزناً كبيراً للتعاطف مع الموظفين، فعندما يشعر الموظفون بتفهم الآخرين لمشاعرهم، تتزايد مشاعر الارتياح بداخلهم مما يدفعهم إلى التعبير عن أفكارهم الجديدة والمُبتكَرة.
استراتيجيات القيادة المبنية على التعاطف
تنفيذ استراتيجيات القيادة بتعاطف يُطلِق العنان للعديد من المهارات الشخصية التي يجب على القادة إبدائها باستمرار، إلا أن المهم في الأمر هو أن يتروى القادة في التفكير بعناية في خطوات استخدام هذه المهارات.
– مراعاة المصداقية، فإبداء التعاطف الزائف لن يثمر سوى عن نتائج زائفة، فادعاؤك تفهم مشاعر الآخرين وأحاسيسهم لا يكفي، لأن القائد يجب عليه أن يتعاطف بصدق وإخلاص مع الآخرين لتحقيق النجاح.
– سرعة التأثر، فالقادة المتعاطفون غالباً يواكبون مشاعرهم وأحاسيسهم مع التعاطف تجاه مشاعر الآخرين وأحاسيسهم.
– كبت القادة لمشاعرهم الشخصية — في كثير من الحالات — لتفهم مشاعر أحد الموظفين، وهم بذلك يضربون مثلاً يحتذي به الآخرون. أسلوب الأخذ والعطاء بين الموظفين والقادة فيما يتعلق بمشاعر التعاطف يُرسِّخ ثقافة التعاطف على مختلف الأصعدة في أماكن العمل.
– الإنصات الفعال، يُعد من المفاتيح الأساسية للقيادة المتعاطفة، وهو يشمل تركيز الانتباه لملاحظة وفهم أشكال التواصل غير اللفظي، وطرح أسئلة استيضاحية، وتكوين رؤية واضحة لما يشعر به الآخرون.
– الإشادة بالنجاح، فالقادة المتعاطفون يشاركون الآخرين مشاعرهم في المواقف العصيبة أو الأزمات، كما أنهم يشاركونهم مشاعرهم في الأوقات السعيدة التي تستحق الاحتفال بها، سواءً على المستوى الشخصي أو المهني.
مثلاً، عندما ينجح موظف في تأمين عميل جديد، عليك أن تُشِيد بنجاحه، وكذلك عندما يُرزَق موظف بمولود، عليك أن تحتفل بذلك، فكلما أبدى القادة قدراً أكبر من التفهم والتعاطف مع الموظفين، كانت النتائج أكثر إيجابية.
حقاً إن القيادة المتعاطفة تساعد على بناء علاقات وطيدة مع الموظفين، وتتيح للقادة فهم احتياجات الموظفين ودوافعهم، وتسهِم في تهيئة بيئة عمل إيجابية على كافة الأصعدة.
ختاماً
تولي نوليدج سيتي اهتماماً كبيراً بالتدريب على مهارات الذكاء العاطفي، لما تعيه جيداً من أهمية الذكاء العاطفي، وكيف أصبح اليوم الذكاء العاطفي أحد ركائز نجاح الشركات ومؤسسات الأعمال.
تعرف على دوراتنا التدريبية المتعددة عن الذكاء العاطفي التي صممناها خصيصاً لتجذب انتباه الدارسين وتكشف عن إمكانياتهم الكامنة، كما أنها مقسمة إلى مجموعات من الدروس القصيرة تسمح لموظفيك بالتعلُّم بحرية وبطريقتهم الخاصة. يمكن اكتشاف مجموعة كبيرة من الدورات التدريبية المُخصصة عن الذكاء العاطفي بمجرد تسجيل الحصول على حساب تجريبي للشركات.
نوليدج سيتي أقوى منصة تدريب للموظفين ناطقة باللغة العربية ومدعمة بأحدث الأبحاث والمواد العلمية المعتمدة من الجامعات الأمريكية، مع توافر العديد من الخيارات بالمنصة مثل الدبلجة والتعريب حتى توفر أفضل تجربة عملية لتدريب الموظفين.
اشترك في نشرتنا الدورية
انضم إلى أكثر من 80,000 من خبراء الموارد البشرية واحصل على أفضل النصائح والإرشادات المتعلقة بالتدريب والتوظيف مباشرة على بريدك الإلكتروني. انضم وكُن من أفضل مديري الموارد البشرية الآن.