الظل الوظيفي: مفهومه ومميزاته وتأثيره على المؤسسة
إنّ اختيار المسار أو التخصّص المهنيّ المناسب له دورٌ بارز في بناء حياة الفرد على كلٍ من المستوى المهني والاجتماعي والسلوكي. وحيث إن ساعات العمل أصبحت تشغل حيزًا كبيرًا من وقت الفرد، كان لا بُدّ من وضع خطّة مناسبة للتعرّف على شخصيّة كل فرد ومهاراته وميوله المهنيّة قبل الخوض في الحياة المهنيّة.
فعلى سبيل المثال، يحتاج الطالب الجامعيّ أو المُتدرب حديث التخرج إلى أشخاص أكفّاء يُساعدونه في خطواته الأولى لإتقان التخصص المناسب أو المسار المهنيّ الصحيح حتى يتسنى له الانطلاق في حياته المهنيّة وهو يقف على أرضٍ صلبة.
ومن هُنا جاءت فكرة برامج “الظلّ الوظيفيّ”. والّتي تُعدّ إحدى أفضل الطرق الّتي تُتيح للمُتدرب أو الطالب التدريب بملازمة الموظفين المتمرسين ومن ثم اكتساب خبرات ثريّة للتعرُّف على المخرجات الأساسيّة المتوقعة من الوظيفة، ومما يمنحهم نظرة عميقة عن طبيعة الوظيفة ومواصفاتها ، بحيث يُصبح فيما بعد قادرًا على أدائها على النحو المطلوب. ولتتعرّف أكثر على برامج الظل الوظيفيّ، تابع قراءة المقال.
مفهوم الظلّ الوظيفي (Job shadowing)
هو أحد أشكال التدريب أثناء العمل، الّذي يسمح للمُتدرب بالتعلُّم من خلال ملازمة الموظف المتمرس الأكثر خبرة في مجاله، وذلك بمتابعته ومراقبته في بيئة العمل لفترة زمنيّة معينة. وعادةً ما يرتبط هذا النوع من التدريب بالمُتدربين أو الطلّاب أو الموظفين الجُدد الّذين يبدأون حياتهم المهنيّة ويتطلّعون إلى فهم المتطلبات المهنيّة. وتُعدّ هذه الوسيلة من أفضل وسائل التعلُّم وأكثرها فعاليّة لاكتساب مهارات جديدة أو اتباع مسار مهنيّ جديد.
عادة ما تكون الفترة الزمنيّة المرصودة لبرامج الظل الوظيفي أقصر من البرامج التدريبيّة أو الارشاديّة الّتي تتم داخل المؤسسة، وغالبًا ما تتراوح بين عدّة أيام إلى بضعة أسابيع.
ولو تساءلت عن السبب وراء تسمية مصطلح “الظل الوظيفيّ” بهذا الاسم، فإنّ السبب يكمن في أن هذه العمليّة تشبه الظلّ في آليّتها، حيثُ يلازم المُتدرب المُرشد أو الموظف الخبير خلال العمل كظلّه، من أجل اكتساب الخبرة منه والتعرُّف على كيفيّة أداء المهام الوظيفيّة واكتساب المعلومات الّتي تُؤهّله فيما بعد للدخول الجانب العمليّ واستكمال الطريق المهنيّ على النحو الصحيح.
دور الظل الوظيفي في المؤسسات
تتنوّع برامج التدريب الّتي تُقدّمها مختلف المؤسسات بما في ذلك المؤسسات التعليميّة كالجامعات، التي تضع برامج التدريب الداخليّ “Internship” ضمن شروط التخرّج، بحيث تُتيح للطلّاب ممارسة تجربة عمل قصيرة في أيّ مؤسسة أو شركة . والّتي تُمكّنهم هذه التجربة من التعرُّف على بيئة العمل والمشاركة الفعّالة فيها من أجل بلوغ مستوى مبتدئ في المهنة التي يتخصص بها كل طالب.
وتهدف هذه البرامج بشكل رئيسي إلى مُساعدة الطلاب على اختيار المسار المهنيّ الصائب، للانخراط في سوق العمل فيما بعد بشكل يعود بالفائدة عليهم وعلى مجتمعاتهم.
هُناك أيضاً برامج التدريب الخارجيّ أو ما يُعرف بـ” Externship” الّتي تشبه بدرجة كبيرة الظلّ الوظيفيّ، والتي بدورها تسمح للمتدربين بالحصول على الخبرة الوظيفيّة عن طريق ملازمة أحد الموظفين في مجال عمله من ذوي الكفاءة العالية، ومراقبته وطرح الأسئلة اللازمة عليه، ليتعرّف على المتطلبات والأنظمة واللوائح السارية داخل بيئة العمل.
ولذلك، فإن لبرامج الظل الوظيفي آثار ايجابيّة على المؤسسات، ومنها:
1-تبادل المعارف والخبرات
تُتيح عمليّة الظل الوظيفيّ تبادل المعلومات والخبرات المهنيّة ما بين المُتدرب أو الموظف الجديد وأصحاب الخبرة في المؤسسة، والّتي يتعلّم من خلالها المُتدرب مهارات جديدة تُساعده في حياته المهنيّة مستقبلًا.
2- اكتشاف مسؤوليّات الموظفين داخل المؤسسة
تُتيح برامج الظلّ الوظيفيّ للموظف رؤية واضحة حول كيفيّة عمل أعضاء فريق العمل والمؤسسة ككل، وكذلك استكشاف المسارات المهنيّة داخل المؤسسة، الأمر الّذي يدعم إرساء المرونة في مكان العمل.
3-تحسين الإنتاجيّة
ممّا لا شكّ فيه أنّ التبادل المعلوماتيّ الّذي يحدث في إطار برامج التدريب أو الظلّ الوظيفيّ، يؤدي إلى اكتساب الموظفين الكثير من المعرفة والمعلومات، وهنا يكمن دور الظل الوظيفي داخل المؤسسات في تحفيز الموظفين على أداء مهام عملهم على نحو سليم، ممّا يرفع مستوى الإنتاجية المهنيّة.
مميّزات الظل الوظيفي
تتميّز برامج الظل الوظيفيّ بقدرتها على إكساب الموظفين المعرفة الشاملة عن التخصص الذي يرغبون فيه، من خلال ملازمة موظفين متمرسين في هذا التخصص حتى يتمكنوا من السير على الطريق المهنيّ الصحيح، وربط الجانب النظريّ بالمهنيّ. فضلًا عن الكثير من المميّزات الأخرى ومنها:
1-الاتصال والتواصل
يُتيح الظل الوظيفيّ للمُتدرب مقابلة الكثير من الأشخاص الخبراء في مجال عملهم والتواصل معهم عن قُرب، وهذا بدوره يُساعده على توسيع دائرة معارفه في الحياة المهنيّة.
2-الحصول على معلومات موثوقة
خلال البرنامج التدريبيّ، سيكون المتدرب بمثابة ظلٌ للمرشد أو الموظف الخبير، الذي يقع عليه الاختيار بناءً على خبرته في مجال عمله، وبالتالي فإنّ المعلومات الّتي يحصل عليها المُتدرب تكون نتاج معرفة الخبير وإلمامه بمجال العمل، لذلك، تكون أي تعليمات أو أفكار أو معلومات يحصل عليها من هذا الخبير سليمة وموثوق منها.
3-الخبرة في العمل
يُتيح برنامج الظل الوظيفيّ للمُتدرب أو الموظف الجديد فرصةً لاكتساب الخبرة والمعرفة من ذوي الكفاءة في العمل. بالإضافة إلى إلمامه بمهارات جديدة تتعلق بالمهنة أو الوظيفة.
4-المرونة والتفاعل
تساعد عملية الظل الوظيفيّ على إرساء روح التعاون والمرونة في العمل داخل المؤسسة، حيثُ يرافق المُتدرب الخبير ليتعلّم منه، الأمر الذي ينعكس على تطوير مهاراته وتأهيّله لتولي المسؤوليات والمهام الوظيفيّة مستقبلًا.
آلية تفعيل برامج الظل الوظيفي داخل المؤسسات
يقوم نجاح برامج الظلّ الوظيفيّ على تفعيل وتطبيق آليّات ومنهجيات متعلّقة بتطوير الجوانب المهنيّة والسلوكيّة داخل المؤسسات، وللوصول إلى الأهداف المرجُوّة من التدريب وضمان نجاح العمليّة، إليك بعض النصائح:
1-تحديد الأهداف الرئيسيّة من إنشاء برنامج الظلّ الوظيفيّ.
قبل بداية أي برنامج تدريبيّ، على المؤسسة أن تضع أهدافًا لهذا البرنامج وأن تحدد النتائج المرجوة من ورائه.، قد يكون من هذه الأهداف على سبيل المثال: توسيع نطاق التوظيف، أو تدريب الموظفين على مهام وأدوار مختلفة، أو تطوير المهارات أو غير ذلك.
2-تحديد الجهة المُختصة الّتي سيتم من خلالها تنفيذ برامج الظلّ الوظيفيّ.
لا بُدّ من وضع خطّة مُحكمة تتضمّن تحديد الجهة القائمة على تطبيق برامج التدريب والتخصص المطلوب التدريب فيه.
3-تحديد المرشد أو الموظف الخبير في تخصص معيّنة.
ينبغي تحديد موظف يتمتع بخبرة واسعة في مجال عمله في المؤسسة، لأنه سيكون المُوجّه والمرشد الّذي سيُرافقه المُتدرب طول فترة التدريب وسيتعلّم منه المهنة المطلوبة بكل كفاءة وفعاليّة.
4-إعداد الأسئلة لطرحها على الموظف.
يتسنّى للمُتدرب – خلال برنامج الظل الوظيفيّ، تسجيل جميع الملاحظات، وطرح جميع الاستفهامات والتساؤلات الّتي قد تتبادر لذهنه فيما يتعلق بمجال العمل.
5- تحديد إطار زمني مُحدّد لبرنامج الظل الوظيفي.
إنّ اختيار المدة المناسبة لبرنامج الظل الوظيفيّ يُساعد المُتدرب والموظف على إتمام المهام وإنجازها دون تعطيل لسير العمل.
6-متابعة الجهة المسؤولة عن المُتدرب لعملية التدريب
لابُدّ للجهة المسؤولة عن الشخص المُتدرب من متابعة عمليّة التدريب متابعة دورية، والتأكد من تنفيذها على النحو المطلوب وبشكل يُحقّق الأهداف المرجوّة.
الدروس المستفادة من برنامج الظل الوظيفي.
عند الانتهاء من البرنامج التدريبيّ، يجب تحليل التجرّبة التدريبيّة الّتي خاضها المُتدرب ككل، ولاسيما نقاط القوّة والضعف، وكذلك تحديد فرص التطوير المستقبليّة، حيث سيُساعد ذلك على استمراريّة التطوير والتدريب في المؤسسة.
إعداد برامج الظل الوظيفي للموظفين الجُدد أيضاً من الأدوات الهامة لأيّ شركة أو مؤسسة، حتى تتمكن من التوظيف الأمثل لقدرات ومهارات الموظفين، يُمكنك الاطلاع على كيفية وضع الموظفين الجُدد على المسار الصحيح لتحقيق النجاح من خلال الدورة التدريبية التي تحمل عنوان “تهيئة الموظفين الجدد لتحقيق النجاح” عبر مكتبة نوليدج سيتي التدريبية التي تحتوي على أكثر من 25 ألف فيديو تعليمي وتدريبي مخصص لتدريب موظفي الشركات ومؤسسات الأعمال في مختلف المجالات ومنها الإدارة والموارد البشرية والتسويق والتقنية والمالية والإلتزام والعديد من مجالات إدارة الأعمال.. اكتشف المكتبة الآن من خلال طلب حساب تجريبي للشركات.
اشترك في نشرتنا الدورية
انضم إلى أكثر من 80,000 من خبراء الموارد البشرية واحصل على أفضل النصائح والإرشادات المتعلقة بالتدريب والتوظيف مباشرة على بريدك الإلكتروني. انضم وكُن من أفضل مديري الموارد البشرية الآن.