أهمية التعاطف في مكان العمل
ما المقصود بالتعاطف؟
التعاطف هو القدرة على استيعاب مشاعر الآخرين، وهو مهارة نافعة في جميع العلاقات الإنسانية، ومهارة أساسية في مكان العمل. عندما يشارك شخص أفكاره أو مشاعره مع الآخرين، قد تكون ردود أفعالهم حجر أساس لبناء الثقة أو إرساء قواعد التواصل في المستقبل.
يوجد نوعان من التعاطف، التعاطف الوجداني والتعاطف الفكري. التعاطف الوجداني هو أن تتأثر بمشاعر الآخرين، بينما التعاطف الفكري هو أن ترى الأمور من وجهة نظر الآخر، لذلك يُسمى أيضاً تبني وجهة النظر.
في التعاطف الوجداني، تشعر أن مشاعر الآخرين تنتقل إليك كالعدوى. مثلاً، إذا شعر أحد الموظفين بالغضب من طريقة تعامل الشركة مع مشكلة ما وشارك غضبه مع موظفين آخرين، قد يشعرون هم أيضاً بالغضب.
في التعاطف الفكري، يضع الشخص نفسه مكان الآخر، لا يعني ذلك مشاركة نفس الأفكار والمشاعر والآراء، بل الاعتراف بها والتفاعل معها. يؤدي ذلك النوع من التعاطف إلى بناء شعور بالألفة بينك وبين الآخر.
يتضح أثر التعاطف في مجالات كثيرة، منها استخدامه لفهم سير الأمور وتصرفات الآخرين وأسباب تفاعلهم بالطريقة التي يتفاعلون بها.
ما أهمية التعاطف؟
يتناسى الكثيرون أن التعاطف أحد الصفات الأساسية في القائد الناجح، فالتعاطف هو أساس التفاهم والتنبؤ بسلوك الآخرين في التعاملات. يسمح ذلك للموظفين بالتركيز على زملائهم في العمل، مما يؤدي إلى بناء بيئة عمل أكثر تماسكاً رغم تنوع الأقسام وفِرق العمل.
التعاطف يبني الثقة ويدعم استمراريتها، مما يجعل مكان العمل مساحة آمنة للتعامل مع الآخرين ويرفع معنويات الموظفين.
التعاطف يرفع معنويات الموظفين واحتمالية بقائهم في العمل
بناء ثقافة التعاطف في مكان العمل يجعله أساس التفاعل بين الموظفين. يمكنك تحقيق ذلك باستخدام استراتيجيات بناء التعاطف بين جميع الموظفين.
إليك بعض
طرق تبني التعاطف وفقاً لتوصيات جمعية إدارة الموارد البشرية.
ابدأ بنفسك. إدراكك لكيفية ممارسة التعاطف يسمح لك بنقل سلوكك إلى الموظفين الآخرين ووضع أساس للتعاطف في مكان العمل.
اعتمد الشفافية. إظهار الضعف الإنساني قد يكون سبباً في تكوين ثقافة تسمح للموظفين بالشعور بالأمان والانفتاح لمشاركة أفكارهم ومشاعرهم وآرائهم.
شجِّع تبني وجهات نظر الآخرين. تفكيرك في وجهات نظر الآخرين في موقفٍ ما، يدعم التواصل والذكاء العاطفي في مكان العمل.
تعامل مع المواقف الصعبة. عدم المواجهة، على الأخص في المواقف الصعبة، قد يكون سبباً في ظهور ثقافة الأسرار وتأجيج الخلافات بين الموظفين. التعامل مع هذه المواقف مباشرة سيعزز رغبة الموظفين في العمل الجماعي لإدراكهم أن آرائهم ستلقى اهتمام الآخرين.
عزز الرأفة. أساس التعاطف هو ترك مساحة للموظفين للتعامل مع بعضهم بلطف ورأفة، لأن اللطف والاحترام قد يؤديا إلى تنمية التفاهم وتقبُّل الموظفين بعضهم لبعض، على الأخص في المواقف شديدة الأهمية.
كن واقعياً. جميعنا نتعلم وننمو وفقاً للوتيرة المناسبة لقدراتنا، ومحاولة فرض ثقافة التعاطف على الموظفين قد يؤدي إلى نتائج سيئة. من الأفضل أن تبدأ بطرح طرق تسمح ببناء الثقة والعلاقات الشخصية بين الموظفين قبل الانتقال إلى التعاطف.
اعتمد المرونة. من المهم أن يشارك الجميع في ثقافة التعاطف. كثيراً ما يبدأ ترسيخ أي مفهوم في ثقافة الشركة بالإدارة العليا أولاً.
اسأل الآخرين عن آرائهم وانصت لهم. ويعني ذلك جميع الآراء، حتى تلك غير المحببة لك أو غير المألوفة.
كن مستعداً لتلقي لتلقى الملاحظات التقييمية. التقييم المستمر لأداء الفريق والقسم والمؤسسة، فيما يتعلق بالتعاطف، يضمن استمرار اجتهاد الموظفين في هذا المجال.
كافئ التعاطف في الآخرين. مكافأة الموظفين على السلوك الجيد تضمن استمراره. لكن عليك مراعاة الصفات الشخصية للموظفين. على سبيل المثال، إذا كان أحد الموظفين لا يحب أن يكون محط الأنظار، سيشعر بالإحراج في حالة الاحتفاء بعمله في اجتماع ضخم للشركة. معرفتك بالموظفين عن قرب ستسمح لك بمكافأتهم بشكل مناسب.
كيف يمكنك استخدام التعاطف في المناقشات؟
دمج التعاطف في التواصل يُشعر المتلقي أن أفكاره ومشاعره وآرائه محل اهتمام وتقدير. ولا يُعد ذلك بالضرورة أمراً صعباً، بل توجد عدة استراتيجيات للتواصل من خلال التعاطف، ومنها الطرق التالية:
أظهِر تفهمك للآخرين. الطرق غير اللفظية من أسهل طرق إظهار فهمك للآخرين. حركات مثل الإيماء بالرأس أو تقليد تعبيرات الآخر تؤكد له أنه تمكَّن من توصيل المعلومة وأنك في مرحلة استيعابها.
من الطرق الأخرى لإظهار التفهُّم أن تلخص ما قاله الآخر، يوضح ذلك للآخر ما فهمته من حديثه ويسمح له بتوضيح أي أمور غامضة.
أطلب المساعدة بتفهُّم. إذا لم يفهم المستمع ما يُقال، من الضروري أن يطلب التوضيح حتى يكون كل شيء معلوماً للطرفين.
شارك ملاحظاتك. عندما يشارك المستمع ملاحظة، يجب أن تكون دقيقة ولا ترمي اللوم على الآخر. مثلاً، قولك “لقد تجاهلتني عمداً” يتهم الشخص الآخر وقد يجعله يتصرف بدفاعية مما قد يجعل الموقف أكثر تعقيداً.
بدلاً من ذلك، قل “لقد تركتني ورحلت عندما طلبت مساعدتك”. بهذه الطريقة تكون مشاركتك تعبر عن حقيقة فعلية. احرص على ألا تنفعل لتسمح للآخر بتوضيح الأمر.
أنصِت. الإنصات الفعال يتضمن أكثر من مجرد الاستماع إلى ما يقوله أحدهم، بل يتضمن أيضاً ملاحظة لغة الجسد وتعبيرات الوجه ونبرة الصوت. قراءة الموقف بشكلٍ شامل تُوضِّح لك مشاعر المتحدث وأفكاره.
اعترف بالموقف. استخدام جملة مثل “أتفهم موقفك” أو “أرى صعوبة الموقف”، يُظهر للآخر اهتمامك بما يقول وتقديرك لموقفه.
اهتم. بخلاف الاعتراف بحدوث الموقف، التعبير عن مشاعرك تجاهه يضع أساساً يمكنك استخدامه في بناء علاقة ثقة مع الآخر. قولك “يهمني أمرك” يضع أرضية مشتركة بينك وبين المتحدث ويوضح له تعاطفك معه بالفعل.
تصرَّف. آخر طريقة من طرق إظهار التعاطف في التواصل، أن تضع الحلول وتساعد في تحويلها إلى نتائج. يوضِّح ذلك للشخص أنك سمعت ما قاله واستوعبته وحرصت على التصرف حيال الأمر.
تعود على مكان العمل فوائد هائلة بسبب دعم التواصل بالتعاطف، فإدراك المرء أن رأيه محل تقدير واهتمام يؤدي إلى بناء الثقة وتعزيز العلاقات الشخصية بين الأفراد، ومع الوقت سيؤدي ذلك بدوره إلى مناقشات أكثر صراحة وانفتاحاً.
من الفوائد الإضافية لاستخدام التعاطف مع الموظفين:
- ارتفاع مستوى اهتمام الموظفين بالعمل
- حل المشكلات بشكل أفضل
- تعزيز تماسك فرق العمل
- دعم قدرة الفريق على التكيُّف
- تحسين سمعة الشركة
- بناء علاقات أفضل
التعاطف في مكان العمل يجعل المواقف المختلفة أكثر وضوحاً للجميع من وجهات نظر مختلفة، لأنه يسمح لك بأخذ عدة آراء وتجارب ووجهات نظر في الاعتبار مما يعزز التفاهم ويدعم بناء بيئة أساسها الثقة.
اشترك في نشرتنا الدورية
انضم إلى أكثر من 80,000 من خبراء الموارد البشرية واحصل على أفضل النصائح والإرشادات المتعلقة بالتدريب والتوظيف مباشرة على بريدك الإلكتروني. انضم وكُن من أفضل مديري الموارد البشرية الآن.